السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الأعرج لم يعتذر لأهل الخليل

2019-01-20 12:28:43 PM
الأعرج لم يعتذر لأهل الخليل

 

في المكان وصورته، والذي لاذ به، وزير الحكم المحلي، غير الحائز على ثقة التشريعي، كما هي حال كل أعضاء الحكومة الحالية، ما قبل انحلال وحل المجلس التشريعي، أكثر من سيميائية، أو دلالة يمكن قراءتها.

المكانُ وتكويناتهُ، قادران على إيصال معانٍ عدة بطريقة غير مباشرة، وبدلالاتٍ قوية، لكنها في ذات الوقت، تعكسُ افتضاحَ  "اللا-اعتذار" الذي وجهه الأعرج لأهالي مدينة الخليل، والذي تم الترويج له إعلامياً على أنه اعتذار؛ كما تفضح أمر مكونات مجتمعنا، الذي ما فتئت السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها لا تعمل إلا على مأسسة عرى بناه وتركيباته التقليدية، القائمة على العشائرية، والقبلية والجهوية والمناطقية، ما حدا بوزير، إلى النكوص إلى الوراء احتماء بمسقط رأسه في محافظة جنين.

الأعرج الذي اختار التصريح الصحفي، الذي تعذر فيه عن الاعتذار عن الإساءة، لم يكن من المكان الذي وجهت السُّبة من فم الأعرج لأهله، أي محافظة الخليل؛ بل كان من المكان الذي يعطي قوة حامية له، عبر المساندة العشائرية. ما يعني أنه آثر الندية في المواجهة على تقديم "اعتذار" حقيقي، بتحويل المسألة، إلى مواجهة ما بين محافظة ومحافظة، وما بين عشائر جنين وعشائر الخليل، خاصة وأنه أكد في بداية حديثه الشكر لمناطق وبلدات وقرى محافظة جنين الذين زاروه لمساندته فيما يبدو أنه في منزله في جنين.

وأما نكوصه الآخر؛ وهو وزيرٌ في وزارة، أهلك أمره، تصريحُ محافظ الخليل المفوضُ لمتابعة عمله باعتباره المسؤول ذي الاختصاص، ما يضعهُ في موضع مساءلة أكبر تتعلق بمقدرته على ممارسة مهام عمله وزيراً في وزارته، هذا إذا ما تناسينا بالمجمل تصريحاته الصحفية التي أطلقت غابة البدائية في كل واحدٍ منا، والتي عبر عنها بكراهةٍ.

الأعرج في "المشاهد المصورة" التي نقلت ما قيل عنه اعتذارا، توضح أنه ما يزال متمسكاً، بكلامه، بل حاول التأكيد على أنه لم يوجه أي إساءة لأهل الخليل، متمنناً بكونه "أكثر إنسان مطلع على معاناة الخليل وأهلها." متناسياً أن الأمر من مهامه الوظيفية التي لا يجب أن يُشكر عليها، فهي واجب وتكليف، وليست منة منه على أحد منا أو تشريفاً له علينا.

موقد النار الذي خلفه، يعطي أجواء الفخامة والدفء، لكنه يحملُ معه وفوقه لغة التهديد في صورة الرئيس في إطارٍ يجمع الأعرج به، في دلالة على أن القوة مما منحت النارُ خارج الإطار من سلطة غير مردوعةٍ لا بقانونٍ ولا بشرعية.

القوة فيما ملكت أيمانكم، وما حمى ظهركم، في ظل غياب المؤسسات الشرعية؛ هي ملخص قول الأعرج.

والخليلُ، المحافظة الأكبر اقتصادياً، وثقلاً عشائرياً، ويعتدُ بها في الأخلاق والكرم ومراعاة الأصول، لن ترى فيما قاله الأعرج اعتذاراً، فالاعتذارُ لأهل المدينة لا يأتِ إلا من داخلها، إن أراد أن يُحافظ على حكمه وملكه وسلطانه.