الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

" ضربات صغيرة وكبيرة لسوريا.. المحصلة ستكون حرب كبيرة "/ بقلم: رائد دحبور

2019-01-21 10:09:15 PM
رائد دحبور

بقلم:رائد دحبور

كان بإمكاننا كما كان بإمكان معظم سكان شمال الضفة الغربية والمنطقة الشمالية من البلاد سماع - بل ومشاهدة الطائرات الإسرائيلية - وهي تتجه لضرب أهداف في سوريا بعد منتصف الليلة الماضية؛ كما كان بالإمكان سماع أصوات الانفجارات بوضوح - وعلى الأرجح كانت تلك الأصوات وبسبب وضوحها هي أصوات انفحار الصواريخ الإسرائيلية في ارتفاعات كبيرة في السماء حيث تصدت لها دفاعات الجيش العربي السوري بكفاءة وأسقطت الكثير منها وهو الأمر الذي لم تنكره إسرائيل؛ كما أشار إليه أحد أبواقها وأبواق المجاميع الإرهابية والدول الداعمة لهم في سوريا وهو الناطق بلسان ما يسمى المرصد السوري لحقوق الإنسان؛ والذي سارع بزف أخبار الغارات والمواقع التي استهدفتها تلك الغارات الصاروخية الإسرائيلية محتفيا بسقوط " أكثر من أربعة قتلى من جيش النظام وفقدان سبعة آخرين إضافة إلى خسائر كبيرة في صفوف فيلق القدس الإيراني وأفراد ميلشيا حزب الله؛ نتيجة وصول بعض الصواريخ الإسرائيلية وليس كلها بسبب كثافة الدفاعات الجوية لجيش النظام" على حد قوله.

على كل حال؛ تأتي هذه الغارة الجوية الأكبر والأشمل منذ بدء الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا قبل سنوات في سياق الانفعال والقلق الإسرائيلي نتيجة فشل مجريات الحرب هناك في تحقيق هدف إسقاط النظام السوري وتفتيت سوريا إلى كيانات تسيطر عليها المجموعات المسلحة المدعومة دوليا وإقليميا وإسرائيليا بطبيعة الحال؛ لكن السبب المباشر الذي تزعمه إسرائيل لهذه الغارات الأخيرة هو إطلاق صاروخ إيراني - " حاد المسار " أو " مجنح " بحسب تعبير الإعلام العبري نقلا عن المصادر العسكرية - حيث تم إطلاقه على موقع في جبل الشيخ صباح أمس بعد غارات إسرائيلية محدودة جرت صباح أمس قبل إطلاق الصاروخ على جبل الشيخ؛ ولأول مرة تم تبني الهجمات بعد دقائق من بدئها من قبل الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي الذي قال: إن الهجمات تستهدف فيلق القدس الإيراني ومواقع حزب الله في سوريا؛ محذرا الجيش السوري من التورط بالرد على هذه الغارات - هنا؛ بإمكاننا التساؤل:
أليست مواقع حزب الله موجودة بمحاذاة السياج فوق الجليل مباشرة؛ وهل ليس هناك مستشارين إيرانيين من فيلق القدس في جنوب لبنان ؟! فلماذا الذهاب بعيدا لضربهم في سوريا؛ إذا كان الهدف هو توجيه رسائل صارمة لقاسم سليماني ولفيلق القدس ولحزب الله ؟! - وذلك بحسب ما أشار إليه بيان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي - إلا إذا كان الأمر يتصل في الأساس بمعادلة علاقات القوة والردع المتبادل القائمة بين حزب الله وإسرائيل على الجبهة اللبنانية.

ومع انبلاج الصباح أدلى كثير من المسؤولين الإسرائيليين بدلوهم تعليقا على الغارات ومنهم رئيس الدولة رؤبين ريفلن ووزراء وأعضاء في المجلس الوزاري المصغر؛ فقد قال " يوءاف شتاينفتس " عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية: " إن هذه الغارات تستهدف التموضع الإيراني في سوريا وهي رسالة قوية لكل من يستهدف إسرائيل بضربات كالتي حصلت صباح أمس؛ وعلى بشار الأسد أن لا يتدخل ويتورط بالرد علينا وإلا سيعرض وجود نظامه للخطر !! " وربما نسي شتاينفتس أن أكثر من أربعمئة ألف من أفراد ومجاميع القوى الإرهابية المسلحة والمدعومين من عديد الدول التي شاركت بفعالية في الحرب على سوريا والذين تم ضخهم داخل الأراضي السورية عبر أكثر من سبع سنوات لم يستطيعوا تحقيق هذا الهدف؛ الذي يريد الوزير شتاينفتس تحقيقه عبر غارات جوية؛ لكن بشرط أن لا تؤدي إلى عملية كبيرة أو حرب كما أوصى وأكد على ذلك مرارا وتكرارا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق " غادي آيزنكوت " في حفل وداعه يوم الأحد الماضي؛ وكما أشارت إلى ذلك مصادر عسكرية حتى أثناء الدقائق الخمس والأربعين للغارات أثناء الليلة الماضية !!.

بكل الأحوال: مثل هذه الغارات الكبيرة والانفعالية جدا وإن جاءت كرد فعل على ضربة إيرانية أو سورية صباح يوم أمس - كما تقول إسرائيل وتزعم أنها ضربة تم التحضير لها مسبقا من قبل إيران ولم تأت كرد فعل - فهي تدفع إلى الاعتقاد بأن تلك الضربة كانت فعالة ومؤثرة على ما يبدو؛ وهو ما دفع إلى رد إسرائيلي بهذا الحجم؛ هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فربما أتت هذه الضربات لتوجيه رسائل سياسية، ولتأكيد رسائل سياسية وخصوصا للجانب الروسي - الذي وبحسب إسرائيل يتفهم الضربات الإسرائيلية التي تستهدف إبعاد التموضع الإيراني عن حدود الجولان - وهي ربما تستهدف في هذا السياق إشعال الأضواء الحمراء أمام السياسة الروسية في سوريا التي من المؤكد أنها تتضمن تفاهمات بين روسيا وإيران والدولة السورية حول الوجود الإيراني هناك بما هو أعمق وأشمل من التفاهمات مع إسرائيل حول هذا الموضوع بالذات.

في المحصلة - وكما توقعنا دائما - فإن إسرائيل لن تترك الأزمة السورية تنتهي لصالح الدولة والجيش هناك دون الاستمرار بالتدخل على أمل أن يدفع ذلك المجموعات المسلحة إلى الاستمرار في محاربة الجيش السوري وتصديع ومحاولة تقويض الاستقرار المرتقب هناك؛ وبما يمنح تلك المجموعات الأمل والدافعية مجددا وبعد كل خسارة وهزيمة وانكسار أمام الجيش السوري وحلفائه.

ومع استمرار هذه التحرشات والتدخلات عبر الهجمات الجوية والصاروخية؛ ومع عدم تجاهل القوة العسكرية الإسرائيلية وكفاءتها التكنولوجية؛ لكن من سيضمن أن حادثا دراماتيكيا يخرج عن السيطرة سوف لن يدفع إلى حرب كبيرة؛ وهو الأمر الذي حاولت إسرائيل تجنبه دائما وأثناء نشاطها في سوريا عبر ابرام التفاهمات مع روسيا وذلك بحسب ما قال رئيس الأركان السابق " غادي آيزنكوت " وكما أكد عليه كل من رئيس الأركان الجديد " أفيف كوخافي " وهو ما يوافق ما قاله مؤخرا من تشاد - وأثناء العدوان على سوريا - رئيس الوزراء ووزير الدفاع بنيامين نتنياهو ورئيس الدولة رؤبين ريفلن ومسؤولون آخرون أيضا؛ ومن سيضمن أن يستمر التفهم الروسي لسلوك إسرائيل في سوريا طويلا مع كل ما في هذا السلوك من الصلف والاستفزاز للقوى الموجودة هناك وقبل ذلك لسوريا شعبا ودولة وجيشا ؟!.