الحدث- ريم أبو لبن
"لم يصدر بحق نفقة المرأة العاملة أي نص قانوني أو حتى تعليمات، واتخذت العادة بأن محكمة الاستئناف قد بينت بأنه يحق للمرأة العاملة بأن تحصل على نفقة من زوجها من خلال المحكمة". هذا ما أوضحه لـ"الحدث" المحامي الشرعي والنظامي تركي سرور.
"طوال 30 سنة ماضية، وخلال عملي لم يحدث أن قامت زوجة عاملة برفع قضية نفقة على زوجها، أو قطعت عنها النفقة لأنها تعمل".
القاضي الشرعي عبد الله حرب قال لـ"الحدث": "لم يذكر أي نص صريح في قانون الأحوال الشخصية لعام 1976 حول نفقة المرأة العاملة، ولكن أصبح من المتعارف عليه بأن الزوجة سواء كانت عاملة أم لا؛ يحق لها الحصول على نفقة من قبل زوجها".
"المرأة يحق لها الحصول على النفقة حتى لو امتلكت الملايين وإن عملت أو لا، فالعمل لا يؤثر في منحها النفقة أو لا". هذا ما أكده المحامي الشرعي عماد الفقيه.
قال: "أما الأبناء فتسقط عليهم النفقة في حال عملهم، ولا يحق لهم الحصول على النفقة من والدهم".
القانون الأردني معدل.. والفلسطيني؟
جاء في إحدى بوابات قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (36) لعام 2010، وبشكل واضح وصريح بحسب ما ذكر القاضي الشرعي عبد الله حرب وتحت بند (نفقة الزوجة): "حرصا على حق المرأة في العمل باعتبارها تشكل نصف المجتمع، ولا يجوز تعطيل طاقاتها فقد اعتبر القانون في المادة 61 منه أن المرأة العاملة تستحق النفقة من زوجها وأن عملها لا يحول بينها وبين حقها على زوجها بالنفقة".
أضاف: "أكد القانون الأردني بأن المرأة تستحق النفقة حتى لو كانت عاملة، وضمن شروط منها: بأن عملها مشروع، ورضي به الزوج صراحة أو ضمناً، ويعقد عليها وهي عاملة أو أن يرضى بعملها بعد العقد، وأن هذا الرأي الذي رجحه عدد من الفقهاء أحرى بالقبول وأجدر بأن يعمل به لأنه يتفق مع تطورات الزمن وطبيعة العصر".
وعليه وبحسب ما ذكر القاضي حرب، فقد جرى تعديل قانون الأحوال الشخصية في الأردن وبنسخته لعام 2010 بما يتناسب مع التطور العلمي والتكنولوجي الحاصل في الدولة.
وبحسب المادة (61) في قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 2010، فقد عرجت وبشكل مفصل لـ نفقة المرأة العاملة وجاء بها:
تستحق الزوجة التي تعمل خارج البيت النفقة بشرطين: (أن يكون العمل مشروعا)، و(أن يوافق الزوج على العمل صراحة أو دلالة)، و(لا يجوز للزوج الرجوع عن موافقة على عمل زوجته إلا بسبب مشروع ودون أن يلحق بها ضرراً).
أما عن قانون الأحوال الشخصية المعمول به لدى الأراضي الفلسطينية منذ عام 1976 وباستثناء مدينة القدس المحتلة، قال حرب: "لم يرد نص في قانون الأحوال الشخصية في فلسطين يتحدث عن نفقة المرأة العاملة، فهو مطبق ولم ينص عليه حرفياً بالقانون".
"القانون قديم، ولا يضم أي تفاصيل كما مطبق في الأردن والقدس، ونحن نحتاج إلى استقرار وإعادة تفعيل دور المجلس التشريعي من جديد لإعادة صياغة قانون الأحوال الشخصية". هذا ما شدد عليه المحامي الشرعي تركي سرور.
أمام الرئيس.. 8 مسودات
"هناك 8 مسودات لتعديل قانون الأحوال الشخصية وقد وضعت على مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وجميع تلك المسودات متناقضة". هذا ما أكده لـ"الحدث" القاضي الشرعي عبد الله حرب.
قال موضحاً سبب تلك التناقضات: "الخلاف لدينا مرتكز بأن طرفاً يرى بأن على المرأة أن تتساوى مع الرجل في الميراث، وطرفا آخر يطالب بأن لا يوضع الطلاق بيد الرجل، وطالب آخرون بزيادة نفقة الزوجة بنسبة 20% سنوياً، والمطالبة بزيادة النفقة للمرأة المطلقة طلاقا تعسفيا ولمدة 5 سنوات بدلا من عام واحد".
أضاف: "حتى أصول المحاكمات هي أكبر منا عمراً، عمرها يقارب 60 عاماً، فمنذ عام 1959 لم تحصل التعديلات".
واستكمل حديثه: "برأيي البقاء على ما هو موجود من قانون أفضل بكثير من إقرار قانون في ظروف غير مناسبة، والأمر يحتاج إلى استقرار سياسي وتشريعي، وما وجد حاليا هو ليس بالسيء ويحتاج لتعديل، والمطلوب لايجاده بيئة مناسبة تتوائم مع الأسرة الفلسطينية والوضع الراهن".
في ذات السياق، أكد قوله: "أي مسألة فيها متسع بالشريعة يمكن أن يتم التعاطي معها وبالتوافق مع مصلحة الأسرة الفلسطينية.. نحن لسنا منغلقين".
فيما أكد القاضي حرب وخلال حديثه بأنه خلال الأشهر القليلة السابقة تم اتباع سياسة جديدة في وضع مقترحات للقوانين، حيث تعرض تلك المقترحات وقبل المصادقة عليها على الدوائر المختصة للإفادة، ويتم وضع التوصيات.
متى تُرفع القضية؟
"للزوجة الحق برفع قضية نفقة على زوجها في المحكمة وذلك بحكم تقصيره، وإن كان الزوج ينفق على زوجته لا يحق لها الحصول عليها". هذا ما أكده المحامي الشرعي عماد الفقيه.
قال: "رفع دعوى النفقة على الزوج تكون في حال أثبتت الزوجة بأن زوجها لا ينفق عليها ومقصر بهذا الحق".
أضاف: "لا يحق للزوجة المطالبة بنفقتها داخل منزلها طالما يقوم الزوج بأداء النفقة المطلوبة وبتوفير ما يلزم، فإن قصر حينها تلجأ للقضاء".
فيما وصف الفقيه دعاوى رفع النفقة من قبل المرأة العاملة بـ"الضعيفة" لا سيما وأنه يمكن الطعن فيها من باب أن لا أحد يأوى أحد دون أن ينفق عليه.
نفقات الزوجة هي: المأكل والملبس والمشرب، والمسكن، فإن أنقص الزوج شيئا منها يحق للزوجة رفع قضية وعلى قدر الإخلال". هذا ما أشار إليه المحامي تركي سرور.
قال موضحاً ذات النقطة: "لنفترض بأن الزوج قد أحضر المأكل وأنقص من واجب إحضار اللباس لزوجته، فهنا يحق للزوجة أن ترفع بحقه دعوى النفقة وبقيمة اللبس، وهو بتوفير ملبس في الشتاء وفي الصيف".
واستكمل حديثه قائلاً: "إن ادعى الزوج بأنه يقدم لزوجته المال وهي تقوم بإنفاقه على المأكل والمشرب والملبس، فإنه لا يحق في هذه الحالة أن تعمد الزوجة على رفع قضية نفقة ضد زوجها".
وعن تقدير نفقة الزوجة شهرياً، قال أبو سرور: "يتم تعيين خبير من قبل المحكمة لتقدير قيمة النفقة، لاسيما وأن نفقة الزوجة محدودة بقيمة تتراوح ما بين (500-1000) شيقل، ولن يقبل بأقل من ذلك لاسيما وأن القيمة العليا تقدر على حسب قدرة الزوج".
أما فيما يخص الأبناء، أكد المحامي أبو سرور بأن نفقة الأبناء لا تقل عن مبلغ يقدر بـ (250) شيقلا، وقد يحصلون على مبلغ يصل شهريا (350) شيقلا.
فيما أوضح خلال حديثه بأن مقدار نفقة الزوجة أيضا غير منصوص عليها ضمنياً لدى بنود القانون الأردني للأحوال الشخصية والمعمول به لعام 1976، بينما يتم الاتفاق ما بين المتخاصمين على مقدارها وقد يصل الحد الأدنى لنفقة الزوجة قرابة 500 شيقل.
وأشار بحديثه بأن قانون الأحوال الشخصية لعام 1976 لم يتم تعديله حتى اللحظة، لاسيما وأنه يعد من أهم القوانين التي تمس بالأسرة الفلسطينية والمرأة على وجه التحديد، فهو يضم تحت مظلته جميع الأمور المتعلقة بـ (الطلاق، الزواج، الميراث.. وغيرها)، غير أن المملكة الهاشمية كانت الأسبق في التعديل وقد أوجدت قانونياً للأحوال الشخصية لعام 2010 وبه مراعاة للتقدم والتطور العصري.
إذا وبحسب ما أوضح القضاة والمحامون الشرعيون فإن نفقة المرأة العاملة لم توضع كنص واضح وصريح ومفصل في قانون الأحوال الشخصية المعمول به منذ قدم، حيث لم يطاله التعديل حتى اللحظة، لا سيما وأن عتبة الحياة المجتمعية قد دفعت للأمام في ظل التطور التكنولوجي الذي غيبه القانون وعرج عليه قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 2010.