الحدث - سجود عاصي
لليوم الثالث على التوالي، تجتاح اخبار اقتحامات مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي لأقسام سجن عوفر، وسائل الإعلام الفلسطينية والإسرائيلية، لكن ما الذي يجعل هذه "القمعة" مختلفة عن سابقاتها؟
يقول علاء الريماوي مدير مركز القدس للدراسات، إن هذا المستوى من القمع لم يحدث منذ خمس سنوات من حيث عدد الإصابات والضرب ورش الغاز وطريقة القمع، وهو ما جعل "القمعة" الحالية مختلفة عن سابقاتها، خاصة بإدخال قوات "النحشون" مدعومة بوحدات خاصة أخرى واستعراض وزير داخلية الاحتلال ما حدث داخل السجون.
وأضاف الريماوي، أن الدور القمعي الذي مورس بحق الأسرى في الأيام الماضية كان قد أعطي شرعيته من الصمت الرسمي والشعبي تجاه قضية الأسرى الفلسطينيين، وقد يتطور بالتوسع في أقسام وسجون أخرى، الأمر الذي يعني بأن الوضع قد يعود لعودة الإضرابات المفتوحة عن الطعام وبشكل واسع، والخشية من توتر قد يصل إلى دائرة الاشتباك المباشر والذي يتعدى دائرة إطلاق الغاز كما حدث قبل نحو ثمانية أعوام عندما قرر الأسرى الفلسطينيون إعادة الأوضاع لما كانت عليه بعد تنفيذ عدد من عمليات الطعن في سجون الاحتلال، على خلاف ما جرى عام 1998 عندما انتفضت الضفة الغربية "عن بكرة أبيها" احتجاجا على حرق خيام الأسرى في سجن مجدو.
ويرى الريماوي، أن التباينات داخل الحكومة الإسرائيلية ومحاولة رفع مستوى التصعيد بحق الأسرى يأتي جزء منها في إطار الدعاية الانتخابية الإسرائيلية التي يقوم بها وزير الاحتلال بنيامين نتنياهو وأطراف اليمين الإسرائيلي، واعتبار قيادات إسرائيلية بأنه يجب التركيز على ملفي الأسرى وغزة والتصعيد بحقهما إضافة إلى تكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك.
وبحسب الريماوي، فإن الاحتلال أراد إرسال ثلاث رسائل للسلطة الفلسطينية في الفترة الأخيرة، وهي: استباحة رام الله بشكل كبير، والاستخفاف بوجود السلطة سياسيا من خلال الاقتراب من مقرات السيادة، واقتحام أقسام الأسرى والاعتداء عليهم، وكأن الرسائل تقول بأن الاحتلال بدأ في تطبيق خطوته التالية وهي التفرغ للملفات الفلسطينية.
وأكد الريماوي لـ "الحدث"، أن هناك فجوة كبيرة في التعامل مع ملف الأسرى ما بين 1998 و2019، حيث أن الفلسطينيين فشلوا في الالتفاف حول قضايا الأسرى.
وحمل الريماوي بالدرجة الأولى حركة فتح، المسؤولية بما يتعلق بالتراجع في مسألة احتضان الضفة الغربية لقضايا الأسرى والتي نشأت بسبب خلافات كبيرة ما بين قيادات السلطة التي قسمت ملف الأسرى وتناحرت عليه، خاصة بوجود مشكلة ما بين هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، الأمر الذي ولد إرباكا أدى إلى كسر ملف الأسرى.
وفي المقابل، أشار مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى فؤاد الخفش لـ "الحدث"، إلى أن مصطلح "القمعة" يطلقه الأسرى على عمليات القمع والاقتحامات التي تقوم بها الوحدات الخاصة الإسرائيلية في السجون، وهو محاولة من الاحتلال لإعادة الأمور لنقطة الصفر أو ما قبل نقطة الصفر، حيث تقوم إدارة مصلحة السجون معززة بالوحدات الخاصة باقتحام أقسام السجون والاعتداء على الأسرى ومصادرة حاجياتهم وأغراضهم ونقلهم من سجن إلى آخر لتنفيذ السياسات الإسرائيلية.
وشدد الخفش على أن عمليات القمع والاقتحامات التي تقوم بها مصلحة السجون بحق الأسرى الفلسطينيين لم تتوقف يوما وهي غير مرتبطة بالانتخابات الإسرائيلية، ولكنه في الوقت ذاته أكد على وجود رسالة يريد الاحتلال إيصالها للجمهور الإسرائيلي تتعلق بالانتخابات الإسرائيلية من خلال التكثيف في نشر الفيديوهات والصور للقوات الخاصة خلال اقتحامها السجون والتنكيل بالأسرى.
وقال أسرى سجن عوفر في بيان لهم اليوم الثلاثاء، إن خطوات تصعيدية سيقومون بها خلال ساعات القادمة ردا على ما تقوم به الوحدات الخاصة الإسرائيلية داخل السجون من استخدام للرصاص المطاط من نقطة صفر إضافة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع والصواعق الكهربائية والكلاب والضرب بالهراوات، مما أدى إلى أكثر من 100 إصابة في صفوف الأسرى وحرق عدد من الغرف ومصادرة مقتنيات الأسرى وإغلاق كافة الأقسام.
وقالت مصادر إسرائيلية إن كافة أسرى سجن عوفر بدأوا إضرابا مفتوحا عن الطعام، في أعقاب إصابة 100 أسير فلسطيني في السجن، خلال قمع وحدات إسرائيلية خاصة لأقسام السجن، بالمقابل أكد نادي الأسير في اتصال هاتفي مع "الحدث" أنه لا يوجد أي تأكيدات حول إضراب الأسرى داخل سجن عوفر، وكل ما يتم الحديث عنه هو فقط إرجاع وجبات الطعام منذ الأحد الماضي 20-1-2019.
وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قد أفادت الأحد، أن قوات القمع الإسرائيلية "درور" مصحوبة بقوات من الشرطة الإسرائيلية اقتحمت قسم 17 في سجن عوفر، وأجرت تفتيشا دقيقا لمقتنيات الأسرى، كما وأغلقت عشرة أقسام داخل المعتقل بعد عملية الاقتحام والتفتيش، الأمر الذي أدى إلى حالة من التوتر والاضطراب سادت في السجن، كان من بينها إرجاع الأسرى لوجبات الطعام احتجاجا على الاقتحام.
كما وأفادت الهيئة أمس الاثنين، أن قوات القمع الإسرائيلية اقتحمت قسم 15 واعتدت على الأسرى ورشتهم بالغاز مما أدى إلى إصابة أكثر من 120 أسيرا.
ولاقت هجمة الاحتلال الأخيرة على سجن عوفر، ردود فعل شعبية واسعة احتجاجا على الاعتداء على الأسرى بهذه الطريقة، وقالت الجبهة الشعبية، اليوم الثلاثاء، إن التصعيد بحق الأسرى الفلسطينيين سيؤدي إلى مزيد من انفجار الأوضاع في وجه الاحتلال، في حين دعت الحركة الأسيرة، أهالي الأسرى والمعتقلين إلى التواجد عند أقرب نقطة من سجن عوفر والاعتصام في الميدان. وبدورها هددت قيادة الجهاد الإسلامي في سجون الاحتلال بالرد على الاقتحام الذي قامت به الوحدات الإسرائيلية الخاصة للسجن، وأكدت أنهم اتخذوا قرارا بالرد على هذه الجريمة متعهدين أن تمر بلا عقاب.