غزة- محاسن أصرف
اهتز مستوى الثقة لدى التُجار في المعاملات المالية فيما بينهم بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة بسبب الخسائر التي تكبدوها خاصة من تضررت مصالحهم الاقتصادية ولم يتمكنوا من تسديد أثمان بضائع كانوا قد اشتروها بالدفع المؤجل على أمل تسديدها من ربح البيع.
ويقول هاني عكيلة لـ"الحدث": "أصبحت أكثر إصراراً على البيع لأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة كونهم الأكثر قدرة على الدفع، سواء النقدي أو المؤجل في فترة زمنية قصيرة"، وتابع أنه عانى كثيراً بعد الحرب من عدم تسديد بعض التُجار الصغار الذين يعتمدون على تصريف بضائعهم لتسديد أثمانها، ما دفعه إلى الإعراض عن منحهم بضائع جديدة للحفاظ على رأس ماله واستمرار تجارته على حال التيسير لا الوقف والإفلاس.
وكان سوء الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة المحاصر دعا الكثير من التُجار إلى الاعتماد على شراء البضائع بالدفع المؤجل لحين تصريفها وسداد جزء من ثمنها وأخذ غيرها من أجل استمرار العمل وتحقيق الربح ولو كان يسيراً لمواجهة أزمة السيولة والركود، لكن في الآونة الأخيرة باتت هذه الوسيلة في البيع والشراء مدعاة للخلافات المالية بين التُجار حيث شكا بعضهم لـ"الحدث" من صعوبة حصولهم على أموالهم مما يؤثر على قدرتهم على التواجد في الأسواق المحلية.
تأخر الزبائن في الدفع
ومن جانبه يُفسر "سالم قديح" مزارع وتاجر خضراوات ببلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس أن تأخره في دفع مستحقات البضائع التي يسحبها من تُجار الجملة والمزارعين في المنطقة يعود إلى ضعف القدرة الشرائية للزبائن واعتماد بعضهم للشراء عن طريق الدفع المؤجل لحين حصولهم على رواتبهم الشهرية، يقول لـ"الحدث": "أيضاً سلوك الزبائن نحونا يؤثر على آلية التزامنا بمستحقاتنا للموردين"، وتابع أنه ينتظر بفارغ الصبر نزول الرواتب ليتمكن من تسديد جزء يستطيع معه طلب دفعة جديدة من البضائع مع دفع مبلغ يسير من ثمنها واستكمال الباقي حين البيع وجني الربح.
توقف النشاط الاقتصادي
ويرى خبراء في الشأن الاقتصادي أن توقف النشاط الاقتصادي بدرجة كبيرة بعد الحرب (الإسرائيلية) على قطاع غزة وعدم وجود حلول في الأفق في ظل استمرار الإغلاق للمعابر التجارية، أثر بشكلٍ كبير على حجم المعاملات المالية بين التُجار في الأسواق المحلية نتيجة عدم توفر أرصدة لديهم بسبب ضعف الحركة الشرائية وعدم تصريف بضائعهم.
ويقول "د. معين رجب": "الكثير من التُجار أخفقوا في سداد الشيكات المؤجلة التي سحبوها بها بضائع لمحالهم لتصريفها في مواسم الأعياد والمدارس نظراً لضعف الإقبال من المواطنين المثقلين بالفقر واكتفائهم بتوفير احتياجاتهم الأساسية والضرورية"، وتابع: "عدم مقدرة التُجار على تحصيل أموالهم ينعكس سلباً على أدائهم واستمرارهم في استثمار أموالهم بالتجارة مما يؤدي إلى حالة من الركود في الأسواق المحلية".
تقليص السيولة
من جانبه يرى "د. محمد مقداد" المحلل الاقتصادي أن تأجيل الدفع وعدم الالتزام به في كثير من الأحيان بسبب الوضع الاقتصادي الكارثي في القطاع وعزوف المواطنين عن الشراء باستثناء ضروريات الحياة أدى إلى تقليص حجم السيولة في الأسواق الغزية، ما أفقد الكثير من التُجار الثقة في استمرار المعاملات المالية فيما بينهم، وأضاف أن عدم قدرة صغار التُجار على دفع ثمن بضائعهم المؤجلة كان يتطور أحياناً إلى نزاعات تُفضي إلى إنهاء التعاملات التجارية أو نشوب اعتداءات بالأيدي والسلاح الأبيض.