الحدث- محمد غفري
ظهر في مشاهد الاعتداء الوحشي الأخير على أسرى سجن عوفر، من قبل وحدات القمع لدى إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، استخدامها للكلاب البوليسية المدربة.
يرجع استخدام الاحتلال لهذه الكلاب ضد الأسرى الفلسطينيين إلى بداية اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وهو ما واجهه الأسرى آنذاك بالقوة.
عصمت منصور أسير محرر عاصر تلك الفترة في سجون الاحتلال، يقول إن سبب رفض الأسرى لاستخدام الكلاب من قبل إدارة السجون، لأنها تشكل إهانة لهم، وتقوم بتدنيس زنازين الأسرى التي تستخدم للصلاة والأكل.
نتيجة لذلك الاعتراض من قبل الأسرى، اكتفت إدارة السجون بإبقائها خارج الأقسام وتتجنب إدخالها، حتى الاعتداء الأخير الذي أسفر عن إصابة أكثر من مئة أسير.
يرى منصور أن إدخال الكلاب أثناء قمعة سجن عوفر الأخيرة (كما ورد من شهادات الأسرى ومشاهد الفيديو)، يعتبر تجاوزاً للخطوط الحمراء، ومؤشرا على وحشية الهجمة الجديدة التي تستهدف الأسرى.
إذلال نفسي وجسدي للأسرى
وفي الوقت الذي يعتبر فيه منصور استخدام الاحتلال للكلاب داخل الأقسام بالمؤشر الخطير؛ إلا أن استخدامها أيضاً خارج الأقسام خلال تنقلات الأسرى يترك أثراً نفسياً لا يقل خطورة.
تقول الأسيرة المحررة نجوان عودة، إن السجانين كانوا يتعمدون إجلاس الكلب في المنطقة التي يجلس عليها الأسير خلال النقل في سيارة البوسطة، وقد كانت تضطر للجلوس على شعر الكلب الذي يلتصق بملابسها، عدا عن الرائحة الكريهة، "كنّا نقعد بالبوسطة ورجلينا داعسة عليه (بول الكلب)..".
وتروي عودة، أن أحد الكلاب هجم عليها في إحدى المرات وبدلاً من إيقافه من قبل السجانين، شرعوا بالضحك عليها.
وفي مشهد مشابه، يروي الأسير المحرر محمد عبد الله لـ"الحدث"، أن السجانين خلال مرافقتهم للأسرى إلى سيارة البوسطة لنقلهم إلى المحاكم، يتم اصطحاب الكلب خلف الأسرى.
وطوال الطريق بحسب ما ذكر عبد الله، يواصل الكلب النباح على الأسرى ومهاجمتهم وبتحريض من السجانين، لدرجة تدفع الأسرى إلى السير بشكل سريع والتدافع ببعضهم البعض، بالرغم من ألم القيود في الأرجل والأيدي.
الأسيرة المحررة دارين طاطور تقول باستغراب "يا ريت وقف الأمر على وضع الكلب بالبوسطة معنا، والريحة الكريهة، والشم وفحص المكان"، مؤكدة أن ما وقع معها أفظع من ذلك.
وتروي طاطور، أن السجان ترك الكلب يتبول حيث تجلس في "البوسطة"!، وأن ذلك حصل بالرغم من معارضتها، "لكن ما باليد حيلة نحن في السجن ما إلنا قوة، والنحشون والجيش ما عندهم قانون يردعهم أصلا".
قصة أخرى تحدثت عنها طاطور، أنها انتظرت في إحدى المرات تركت في الساحة مدة نصف ساعة، وخلال ذلك أعطى السجان أوامره للكلب كي يتهجم عليها بطريقة مخيفة.
تؤكد طاطور، أن الكلاب تركت بداخلها ذكرى قاسية جداً، وأن هذه الكلاب وسيلة إضافية من وسائل التعذيب للأسير الفلسطيني وطرق إذلاله.
ما هي هذه الكلاب؟
يقول منصور، إن هذه الكلاب المستخدمة في السجون مدربة وقوية وتمتلك صفات عدوانية جداً، وأن لدى مصلحة سجون 600 كلب، تتوزع مهامها في حراسة السجون، والمرافقة في تنقلات الأسرى، وخلال الاقتحامات والسيطرة على الأسرى.
وأكد منصور أن مصلحة السجون الأكثر استخداماً لهذه الكلاب من بين أجهزة أمن الاحتلال، حتى أنها تستخدمها أكثر من الجيش نفسه.
وبحسب منصور فقد أقامت مصلحة السجون في العام 2017 مكاناً خاصاً للكلاب المتقاعدة، والتي تنهي الخدمة من كافة أجهزة أمن الاحتلال، ووصل عددها 90 كلباً سنوياً في سجن الدامون.