الحدث- محمد غفري
ينذر قرار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بإنهاء مهمة بعثة المراقبين الدولية في مدينة الخليل، بإطلاق يد قطعان المستوطنين، وارتكابهم لمجاز جديدة أكثر فظاعة بحق السكان الفلسطينيين، بعيداً عن عدسات المصورين والتقارير الدولية.
تم نشر بعثة من المراقبين الدوليين في الخليل بموجب اتفاق "بروتوكول الخليل" الذي تم التوصل إليه بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل في شباط/فبراير 1994، عندما أقدم المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين، على قتل 29 فلسطينياً كانوا يصلون داخل الحرم الإبراهيمي.
ما هي البعثة الدولية؟
تضم البعثة، التي أعلن نتنياهو عدم الموافقة على التمديد لها نحو ستين مراقباً من جنسيات نرويجية وسويدية ودنماركية وإيطالية وسويسرية وتركية، ويتم تجديد انتدابها بالعادة كل ستة أشهر.
وتقوم البعثة بكتابة التقارير عن خروقات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان الدولية وكذلك حول الاتفاقيات الموقعة حول مدينة الخليل، ويتم التشارك مع السلطات الفلسطينية والإسرائيلية بما يتصل بالتقارير وكذلك مع الدول الست المشاركة.
كما تحاول بعثة التواجد الدولي الحفاظ على تواجد مرئي في مدينة الخليل، وخاصة في تلك المناطق الساخنة مثل البلدة القديمة، وتل الرميدة، وفي محيط مدرسة طارق بن زياد، وجبل جوهر، حيث تسير دوريات يومية من أجل الملاحظة والمراقبة للوضع في المدينة.
يزعم نتنياهو أنه اتخذ القرار، أمس الاثنين، وفق ما نقلت عنه قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية، أن القوة الدولية تعمل ضدّ المصالح الإسرائيلية، إلا أن خبراء فلسطينيين يؤكدون على وجود نوايا إرهابية خطيرة أخرى لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
استباحة دون تصوير وتوثيق
يقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، إن هذا القرار الإسرائيلي بسحب المراقبين الدوليين يأتي تمهيداً لتنفيذ اعتداءات جديدة "نحن مقبلون على مرحلة صعبة".
في البلدة القديمة في الخليل نحو 800 مستوطن إسرائيلي يعيشون بين الفلسطينيين في تجمعات خاصة بهم، وبحراسة من قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبشكل مستمر ينفذ هؤلاء اعتداءات القتل والترهيب بحق الفلسطينيين.
يؤكد عساف لـ"الحدث"، أن هناك استباحة كاملة للبلدة القديمة، ويريد الاحتلال أن تحدث هذه الاستباحة دون تصوير وتوثيق لجرائم الاحتلال من قبل البعثة الدولية.
وأضاف على ذلك، أنه في ظل غياب الصورة والتوثيق الدولي لهذه الجرائم، سوف تزداد الجرائم بشاعة، وسوف تزداد الانتهاكات التي تطال الحقوق الدينية والملكية والشخصية في البلدة القديمة في الخليل.
ويعتبر عساف أن هذا القرار هو اختراق وتجاوز كبير للاتفاقيات الموقعة، وهو مؤشر خطير جداً لما سيجري لاحقاً.
وأشار إلى النجاح الذي تحقق العام الماضي بوقف القرار العسكري الإسرائيلي بإنشاء بلدية خاصة للمستوطنين في البلدة القديمة في الخليل، هو قرار كان يشكل خطراً كبيراً على الأملاك الفلسطينية، والمقدسات، والآثار العربية في البلدة القديمة.
"نخشى تكرار مجزرة الحرم الإبراهيمي"
الناشط في قضايا الاستيطان في الخليل عيسى عمرو، قال إن البعثة الدولية أصدرت تقريراً تحدثت فيه عن أربعين ألف حالة انتهاك للقانون الدولي الإنساني من قبل الاحتلال الإسرائيلي في الخليل، "وهذا رقم مخيف" وفق ما يرى عمرو.
يتواجد عيسى عمرو باستمرار في البلدة القديمة في الخليل، وحول أهمية التواجد الدولي هناك قال لـ"الحدث"، إن وجود البعثة الدولية في الخليل مهم جداً في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان، وانتهاكات القانون الدولي الإنساني بأيدي محايدة.
وأكد عمرو، أن المواطن الفلسطيني بوجود المراقبين الدوليين بلباسهم المميز يشعر بالأمان عندما يسير في الطرق التي عادة ما تتم فيها الاعتداءات من قبل المستوطنين والجنود.
وحول خطورة سحب البعثة الدولية، قال إن هذا الأمر سوف يطلق يد المستوطنين وجيش الاحتلال باتجاه المواطن الفلسطيني، والاعتداء عليه بشكل متكرر.
يرى عمرو إن هذا الأمر هو مقدمة لضم الخليل إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وإحكام السيطرة الكاملة عليها.
وأشار عمرو في حديثه إلى مجزرة الحرم الإبراهيمي، قائلاً "نخاف أن تتكرر هذه المجزرة بعد رحيل التواجد الدولي في الخليل، ونتنياهو بقراره هذا ينصاع ويحاول أن يرضي المجموعات الاستيطانية المتطرفة، والمجموعات التي تعمل على مهاجمة المواطنين الفلسطينيين".
الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، قال في تصريح سابق إن عدم تجديد الحكومة الإسرائيلية لقوات التواجد الدولي في الخليل يعني تخليها عن تطبيق اتفاقيات وقعت برعاية دولية، وتخليها عن الوفاء بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقيات، وهو أمر مرفوض، ولن نقبل به إطلاقا.
وأضاف أبو ردينة: نطالب الدول الراعية لتوقيع هذه الاتفاقية، بموقف واضح تجاه هذا الموقف الإسرائيلي الخطير، والعمل الفوري للضغط على الحكومة الإسرائيلية لمواصلة العمل على تطبيقها وفق ما تم الاتفاق عليه، وعدم التصرف مع إسرائيل كدولة فوق القانون.
وأكد أن إسرائيل بتجاهلها لكل الاتفاقيات الموقعة، ورفضها الالتزام بتنفيذ تعهداتها، تصر على خلق أجواء التصعيد والتوتر والفوضى في المنطقة والتي لا يمكن التنبؤ بنتائجها.
وختم أبو ردينة تصريحه بالقول: هذا دليل للمجتمع الدولي، بأن إسرائيل لا تحترم قرارات الشرعية الدولية، والاتفاقات الموقعة معها برعاية دولية، وهو استمرار لسياسة التصعيد الإسرائيلية ضد شعبنا وأرضنا.