الحدث - سجود عاصي
تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي معظم الفلسطينيين في الضفة الغربية من زيارة الأراضي المحتلة بحجج "متنوعة وواهية"، وما إن يعلن عن رحلة لزيارة "أراضينا المحتلة" حتى يبادر عدد لا بأس به بالتسجيل على أمل أن يتمكن من رؤية المناطق التي حرم منها، ولكن قد يتوقف البعض للحظة أمام المحاولات العديدة من الاحتلال وضباطه لخلق معادلة جديدة في الزيارات والرحلات إلى الداخل المحتل، خاصة بعد ما بات يعرف برحلات "التعايش" المغلفة بعناوين منها "رحلات الترفيه".
تواصلت الحدث مع إحدى المشاركات في رحلة إلى الداخل الفلسطيني المحتل عام 48 والتي رفضت بدورها الإفصاح عن اسمها، لتروي تفاصيل واحدة من الرحلات "المشبوهة" التي يعلن عن مثيلاتها كل يوم تقريبا على أساس أنها رحلات ترفيه إلى الأراضي المحتلة، ليكتشف "الزائرون" أنها شيء مختلف تماما، له وجه من أوجه "التطبيع" العديدة.
تقول (أ.ش): "اتصلت بي فتاة أعرفها من الخليل، لتخبرني عن رحلة لحيفا تنظمها إحدى المؤسسات النسوية التي لا أعرفها، فوافقت على الفور بالتسجيل كونها رحلة إلى الداخل ولا يمكننا الذهاب متى شئنا إلى الأراضي المحتلة"، وما إن تجاوز الباص الذي يقل نحو أربعين فتاة من الخليل حاجز قلنديا، حتى صعد إليه شخص يدعى إبراهيم عنباوي من مخيم شعفاط في القدس المحتلة".
وأشارت (أ.ش) إلى أن عنباوي أخبرهم فور صعوده الباص عن هدف الرحلة المتمثل بلقاء مجموعة من الإسرائيليين في الأراضي المحتلة دون توضيح الوجهة بدقة. وأضافت: "وصلنا تل أبيب بدلا من حيفا، ليكون مستقر الرحلة المركز الألماني في "تل أبيب"".
"التبس الأمر علينا… دخلنا القاعة بنوع من الشك ووجدنا مجموعة من الإسرائيليين يتضح من هيئاتهم بأنهم ليسوا أشخاصا عاديين بل ضباطا لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية" قالت (أ.ش).
وما إن استقرت الفتيات في القاعة نفسها لدقائق، حتى خرج إسرائيليون بأعلام فلسطينية وأخرى إسرائيلية واحتفى مسؤولو الرحلة مع الإسرائيليين بهذا اللقاء، وتتابع (أ.ِش): "استفزني المنظر ولم أكن قادرة على البقاء في المكان أكثر من ذلك.. خرجت أنا وثلاثة أخريات إلى خارج المقر وجلسنا في الخارج من الساعة العاشرة وحتى الساعة الرابعة مساءً حتى خرج لنا أحدهم يسأل عن سبب انسحابنا من اللقاء فقلنا له لقد كذبتم علينا نحن احرار ولا نريد التواجد في هكذا اماكن"، وأضافت أن الشخص العربي ذاته الذي سألها عن سبب خروجها أخبر أحد الإسرائيليين بأنها لا تريد التطبيع معهم "بعبارة واضحة وصريحة قالها تطبيع.. لقد كنا نظن أننا سنذهب إلى رحلة ترفيهية!".
وما إن ذهبا حتى أرسلوا لي امرأة عرفت عن نفسها باسم "شارون" حاولت استجوابي للإدلاء بأي معلومات وهو ما رفضته جملة وتفصيلا.
وقالت (أ.ش) إنها لم تعلم تفاصيل ما دار داخل أروقة المركز لأنها انسحبت منذ البداية، لتكتشف لاحقا أن أسلوبا ذكيا تم التعامل به مع الفلسطينيات المتواجدات ليخرج جزء منهن مقتنعا بما طرح من أفكار خلال النقاش، وسمعت من بعض الفتيات أنهم حاولوا إقناعهن بأن الإسرائيليين مظلومون وأن الفلسطينيين هم القتلة وهم من يعتدي على الإسرائيليين.
وتروي (أ.ش) أنها تواصلت مع الفتاة المنظمة للرحلة منذ البداية لتسألها عن اسم الجمعية من جديد لتخبرها عن اسم آخر مختلف تماما عن الاسم الذي قيل لها في البداية حيث تأكدت (أ.ش) من عدم صدقية معلومة الاسم بعد عملية بحث.
وأكدت (أ.ش) أن خمس غرف كانت مشغولة بلقاءات من النوع ذاته خلال تواجدهن في المكان، من مناطق مختلفة من الضفة الغربية عرفت من بينهن رحلة قادمة من نابلس كذلك.
وتضيف: يريدوننا أن ندخل غرفهم التطبيعية ونخرج بقناعات مختلفة.. ويريدون لنا أن ننظر إلى انفسنا على أننا ظالمون وقتلة".
وبدورها تواصلت "الحدث" مع الفتاة المنظمة للرحلة، وقالت لنا إن لا علاقة تربطها بهذه الرحلات وكل ما تقوم به هو "تجميع أشخاص" مقابل عمولة مالية عن كل شخص لصالح الشركات السياحية. مشيرة إلى أن إحدى هذه الشركات تعمل على تنظيم الرحلات في رام الله أيضا.
تواصلت "الحدث" مع إبراهيم عنباوي والذي بدوره أكد أن ما يتم تنظيمه ليست رحل وإنما لقاءات سياسية يتم من خلالها نقل المطالب الفلسطينية للاحتلال في ظل وجود الاعتداءات الإسرائيلية من قتل واعتداء على الأسرى واقتحام للمقدسات مضيفا "على الشارع الإسرائيلي أن يتحرك ويوقف دعمه للحكومة الإسرائيلية".
وأضاف عنباوي، "هناك مجموعة من الجهات المنظمة ومنهم بعض الأشخاص لهكذا لقاءات على رأسهم أنا ود. محمد دجاني وفدوى الشاعر وطلال العقاد ومجدي يغمور".
ونفى عنباوي عدم علم المشاركين في "الرحلة" بوجهتها، قائلا: "الكل يعرف الوجهة، وليس لدينا ما نخفيه".