بقلم: مواطن رايح ينفجر
أفتخر أنني من الأشخاص الذين آمنوا دوماً بأن الخيار الوحيد لي ولعائلتي هو الوطن، لذا عندما دار النقاش مع أصدقاء ابني حول المستقبل، توجب عليّ الإجابة على أسئلتهم ومخاوفهم الخاصة بمستقبلهم كشباب في هذا الوطن: إلى أين البلد متجهة وما هي السبل؟ وهل المستقبل في فلسطين أم في المهجر؟ وجدت نفسي مضطراً للدفاع عن سياسات السلطة والحكومات المتعاقبة ومحاولة إيضاح أسباب قراراتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتلك التي تمس الحريات العامة. ليس سراً بأني في كثير من المحاور فشلت في هذه المهمة فشلاً ذريعاً!
لذا قررت كتابة هذه السطور ملخصاً ما يدور في خواطر الكثيرين، خصوصاً وأننا على أعتاب تغيير يتمثل في حكومة جديدة. وأركز هنا على الخطوط العريضة المطلوبة من الحكومة المستقبلية. قال لي البعض: "ما تغلب حالك، الكبار طابخينها" مع هذا قررت الاستمرار بالكتابة عملاً بالآية الكريمة "ذكر إن نفعت الذكرى".
المحاور الرئيسية للمرحلة المستقبلية والسياسات الواجب اتباعها هي:
الهوة الكبيرة التي تجلت بالمظاهرات الحاشدة ضد قانون الضمان وتعبير المتظاهرين عن عدم الثقة بالحكومة، هي فقط ما بان وظهر، فالمشاعر والاحتقان المخفي أعظم. السبل إلى جسر الهوة هي:
قد يقال إن الخيارات أمام الفلسطينين عموماً قليلة ولكن تلك المفتوحة أمام الشباب المتعلم غير محدودة، من هنا يجب العمل الفوري على:
إطلاق الحريات العامة وإلغاء كافة القوانين والممارسات التي تمس بها. لا يعقل أن يعاقب شاب على تعليق وضعه في الفيس بوك! وما يحدث في السجون الفلسطينية من تجاوزات يندى لها الجبين! هل ناضلنا لأكثر من مئة عام لبناء كيان وطني كي نقبل بمثل هذه الممارسات.
إن الفشل في ردم الهوة بين الشعب والسلطة سيكون له آثار وخيمة على مستقبلنا ومستقبل كياننا الوطني. في هذا السياق سمعت أحد أعضاء مركزية فتح يشكو من أن الآلاف يتوجهون إلى مراكز الحكم العسكري الإسرائيلي مباشرة للحصول على تصاريح إلى إسرائيل وأنهم لا يكترثون إلى طلب السلطة التوجه للحصول على تصاريح من خلال الارتباط المدني! ما دامت إسرائيل تفتح الخطوط مع الناس بينما الثقة بالسلطة معدومة، كيف يستهجن أن الشعب لا يستجيب لطلب السلطة!؟
يقول البعض إن على الحكومة عدم التدخل في الأمور السياسية، فالسياسة هي مهمة منظمة التحرير والرئاسة. أعتقد أن هذا أمر خاطئ وخطير، إذ أن الكثيرين يتصرفون وكأن الاحتلال غير موجود ومقارعته ليست مهمة وأولوية يومية!. يجب أن يتضمن البرنامج اليومي للحكومة إجراءات عملية لمحاربة الاحتلال ومشروعه الاستعماري على الأرض الفلسطينية، وهنا أيضا لا بد من تفعيل دور الشباب! المطلوب مواجهة شاملة مع الاحتلال وبمشاركة فاعلة من الجميع.
إذا كانت الهوة بين الشعب من جهة والسلطة والحكومة من جهة أخرى كبيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ فهي لا تقارن بتلك القائمة في القدس! أخشى ما أخشاه أن تضيع القدس ونحن ما زلنا نفكر بسؤال "ما العمل"! وهنا الأخطر من ضياع الأرض وهو ضياع الإنسان! أحد أهم الأمور هو التستر على من باع الأرض! هل يعقل أن تستمر السلطة في استقبال من باع أملاك الكنيسة في القدس وأن تحميه وتمنع الناس من التظاهر ضده في بيت لحم في عيد الميلاد!
حكومتنا وسلطتنا تتملصان من المسؤولية تجاه القدس ويتحول شعار "القدس عاصمتنا الأبدية وهي مفتاح الحل والسلام" إلى مجرد شعار. يحب على السلطة تحمل مسؤولياتها كاملة وبشكل فوري في مجالات التعليم والثقافة والتنمية الاقتصادية والمجتمعية في القدس! يكفينا أعذار... آن أوان العمل. من حق القدس أن تحصل على موازنات مساوية للمدن الأخرى في الوطن ولو أني أعتقد أن من الواجب علينا التمييز الإيجابي لصالح القدس وليس العكس!
على السلطة المتابعة بشكل جدي ماهية الخدمات التي تقدمها الحكومة. هنا أيضاً يكفينا شعارات، المطلوب خطة واضحة لتأمين الخدمات النوعية للمواطن تتضمن جداول زمنية محددة ومقاييس واضحة للأداء وإقالة من يعجز في هذه المهمة الأساسية.
إن التحديات أمام الحكومة القادمة كبيرة جدا، إذ عليها مواجهة الهجمات الخارجية والأزمات الداخلية المتعددة. من هنا تم التوافق على أن تشكل هذه الحكومة من فصائل منظمة التحرير والكفاءات. النجاح يعتمد على شخصية الشخص الذي سيتولى رئاسة الوزراء، المهم في تحديد شخصيته ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن يكون رئيس الحكومة من فتح أو من المحسوبين بشكل كبير على فتح. لا يعقل أن تبقى فتح، وهي كما تدعي "الفصيل الأكبر وحامية المشروع الوطني"، تعمل فقط في الظل! فكأنها تقول إن أي نجاح لنا والفشل على الحكومة التي لا يرأسها فتحاوي!
الأمر الثاني: أن يكون هذا الرئيس من العيار الثقيل، شخص له مصداقية وذو كفاءة عالية ويتمتع باحترام محلي ودولي.
الأمر الثالث: أن يكون رئيس الحكومة ذو شخصية فاعلة وله رؤية مستقبلية واضحة، حيث تعطي الشارع الأمل بالتغيير، والابتعاد عن تدوير الشخوص! أقول هذا مع كل الاحترام والتقدير لدولة د. رامي الحمد الله ولدوله د. سلام فياض لما قدموه خلال سنوات خدمتهم كرؤساء للوزارات.
أعتقد أن هذه الصفات تنطبق فقط على أحد المحمدين: إما اشتية أو مصطفى وأي تجربة أخرى ستدخلنا أكثر في النفق المظلم ولن تساعد مطلقاً على الخروج منه!