الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الذاكرة القصيرة ... لعبة المتنفذين بقلم: خالد أحمد الطريفي

2019-02-13 08:46:58 PM
الذاكرة القصيرة ... لعبة المتنفذين
بقلم: خالد أحمد الطريفي
خالد أحمد الطريفي

كنت وعلى مدار سنوات طويلة اعتقد بأن شعبنا الفلسطيني يتمتع بذاكرة قوية ولا يترك لا شاردة ولا واردة الا وعمل على تقييمها وإعطائها حقها من النقاش والتمحيص والتفحيص لكي يبني عليها الخطط والافكار التي من شأنها أن تساعده على حل او حلحلة العديد من مشاكل الحياة المختلفة.

 لكن، وبعد تجربة شخصية وعلى مدار شهرين قمت برصد اهم الاحداث والأخبار التي يهتم بها الرأي العام الفلسطيني والتي تتناقلها وسائل الإعلام المختلفة وخاصة الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي.. من خلال ما أسميته مجازا حصاد الأسبوع وكنت اقوم بنشره على صفحتي في موقع الفيسبوك، وكان له صدى ووقع إيجابي لدى متابعي صفحتي.

هذه التجربة أثبتت لي بان ذاكرتنا الشعبية الفلسطينية قصيرة قصر الخبر ومتجددة بتجدد الحدث والخبر اليومي حيث ان مختلف القضايا التي كان الإعلام يعالجها سواء ليوم أو أكثر كانت وبدون تردد تلغى من الذاكرة ويتم استبدالها بحدث ساخن آخر،  هذه الأحداث تمحورت حول قضايا السياسة وخاصة المصالحة وقرارات فتح والرئيس بتشكيل حكومة جديدة وقانون الضمان الاجتماعي والخان الاحمر والمقاومة الشعبية والفضائح المالية والجنسية وقضايا الفساد لبعض الأسماء المعروفة في غزة والضفة ، وأيضا تلك القضايا التي تخص كافة المواطنين والشرائح الاجتماعية سواء المتعلقة بارتفاع الأسعار أو حالات الموت والقتل والسرقة الآخذة بالاتساع وارتفاع الجمارك أو الضرائب ، وكان لموضوع التطبيع ومقاطعة البضائع الإسرائيلية نصيبا مهما من الأخبار والنقاش وإبداء الآراء والمواقف حولها ، ولا أذيع سرا إن قلت بأني قد نسيت ولم تسعفني ذاكرتي على استرجاع أهم الأحداث على مدار الشهرين الماضيين والتي عملت شخصيا على رصدها حتى أعدت قراءة ما كتبته في الحصاد الأسبوعي ، مثال ذلك قضية وزير الحكم المحلي .. وفوز الفلسطينية في الكونغرس الأمريكي واقتحامات الاحتلال اليومية لمحافظة رام الله والبيرة بعد العمليات الناجحة لآل البرغوثي والتي كانت حقيقة أحداثا ساخنة لعدة أيام على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإلكترونية المختلفة والتي حاليا لا أحد يستذكرها تقريبا.

المواطن المقهور والباحث عن الحلول لمشاكله اليومية وبرغم متابعته للأحداث والأخبار التي تم الإشارة إليها ولغيرها الكثير، لم يتوصل ولم يساعده أحد من القائمين على صناعة الحدث للوصول الى حل أو بصيص أمل في حل برغم تفاعله اليومي مع ما يحدث، فهو بلا أدنى شك الرابح والخاسر الوحيد من تعقد أي من القضايا المثارة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى اخلاقيا.

اعتقد كما يعتقد غيري بان الهدف من الابقاء  والمحافظة على الذاكرة القصيرة لدى المواطن من خلال اشغاله في العديد من الامور الجانبية ولأبعاده عن الجوهر، خاصة وأن مجموعة من المتنفذين في حياتنا الفلسطينية هم من يمسكون بزمام الأمور وهم من يحدد المسموح وغير المسموح تداوله ومتى وكيف لكي يبقوا مسيطرين على الأوضاع الداخلية وبما يتناسب مع مصالحهم الحزبية والسياسية والطبقية والوظيفية ، وهم وبطبيعة الحال لا يألون جهدا  في استمرار الحال كما هو لانهم يدركون أكثر من غيرهم بأن الشعوب إن تابعت وبشكل مستمر وجدي موضوعا بعينه لن تقبل بأقل من حله وبما يرضيها وقانون الضمان الاجتماعي برغم ما شابه من أمور خير دليل على ذلك.

إن كم ونوع وطبيعة القضايا الهامة في طريق نضالنا واستقلالنا قد تم احتوائها وتهميشها وعدم متابعتها في وسائل الإعلام أو من قبل صناع القرار والتي وإن توبعت لكان الحل الايجابي حليفا لها؟ من المستفيد من عدم متابعة موضوع الخان الأحمر أو مقاطعة البضائع الإسرائيلية والتطبيع والمقاومة الشعبية وجرائم الاحتلال وعدم رفع قضايا ضده في محكمة الجرائم الدولية، وقضايا الفساد والفاسدين وأزمة السير وقضايا العمال والحد الأدنى للأجور.... الخ  حتى النهاية ؟ كيف علينا إعادة إحياء واطالة عمر الذاكرة للمواطن الغلبان؟ ما هو دور وسائل الإعلام والنخب المثقفة وغيرها من الحريصين على الوطن ومقدراته والمواطن وحقوقه في إنعاش الذاكرة وباستمرار؟ إنها الملهاة التراجيدية يا سادة والتي من المفروض أن نضع نهاية لها .