الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أكلة فلسطينية أصيلة مفتول الشتاء للأغنياء والفقراء

2019-02-24 09:44:44 AM
أكلة فلسطينية أصيلة
مفتول الشتاء للأغنياء والفقراء
طريقة تحضير المفتول

الحدث الثقافي 

في بيوت الفقراء وبيوت الأغنياء في فلسطين، رائحةٌ واحدة وطعم أصيل، أكلة تجتمع حولها الأُسر تحت سقف "الزينكو" أو على طاولةٍ التفت من حولها المقاعد، ولا خلاف أبدًا على عشق "المفتول".

وتعد أكلة المفتول من أشهر الأكلات الشعبية الفلسطينية، حيث تحمل ارتباطًا خاصًا بالموروث الشعبي الفلسطيني الأصيل، إضافة إلى الأجواء الخاصة خلال مراحل صناعة هذه الأكلة.

وتختلف أسماء هذه الأكلة الشعبية؛ وتتنوع وتتمايز من بلدٍ إلى آخر في بعض ما يُضاف إليها، وإن كان الاسم الجامع لها في المشرق العربي "مفتول"، و"كسكسي" في المغرب العربي. ووردت لها تسمياتٌ عدة في المشرق العربي منها بحبثون، وكِسا بر، ومرمعون، وبسبسون، وكيسكسون، ودحيرجه، والمغربية.

والأصل اللغوي لكلمة مفتول جاء من فتل يفتل فهو مفتول، وهو برم الشيء ولفه، ويفضله الفلسطينيون عادةً في فصل الشتاء، خاصة مع الالتزام الناس بيوتهم في البرد القارص، مما يتيح الوقت للإعداد لهذه الأكلة الدسمة التي تأخذ وقتًا طويلًا.

كما أن المفتول يتطلب لمّة العائلة، ويصنع في الكثير من المناسبات التي تشهد أعدادًا كبيرة، ويتم طهيه إما مع الدجاج أو مع لحمة العجل، مما يتطلب نارًا حاميةً كي ينضج.

وَيغلبُ طبخه في أول الشتاء، وفي أيام الزيتون، وفي "وَنسّة الأموات"، وفي شهر رمضان، ويوم الجمعة، وبعض قرى فلسطين كانت تقدمه كوجبة الغداء في العرس. 

يُعتبر القمح مكون المفتول الأساسي، حَيثُ تجرش النّسوة القمح حتى يتحوّل إلى سميد/بُرغل وَيوضَع في وعاءٍ نُحاسي وَيُرَش عليه الطّحين وقليلٌ من الماء، وَيُفتل باليد ويُحرك حتى يتشكل ككرات صغيرة. والمفتول الناعم والصغير جدًا يُرش عليه سُكر ويعطى للأطفال كي يأكلوه في ساعته.

ويُطبخ المفتول في طناجر خاصة على البُخار المُتصاعد من مرق اللحمة وخليطٍ من الخضروات والبهارات. وتتكون طُنجرة المفتول من قطعتين، تعلو إحداهما الأخرى. تكون القطعة العليا على شكل مصفاة مُخرمة من الأسفل، بحيث يتسرب البُخار المُتصاعد من الطنجرة السُفلى لينضج المفتول. وَيُغلق الشق الفاصل بين الطُنجرتين بقطعة من العجين ليمنع تسرب البخار الحار، وتسمى هذه العملية "التهبيل".

وقبل استخدام المصفاة المعدنية المُسماة "كور المفتول"، كان يُستخدم طبق قشٍ يُسمى منسفة مفتول أو قبعة مفتول، تسمح فتحاتها الضيقة بمرور البخار لينضج المفتول.

 وبعد نضجها يضاف إليها الشوربة والمرق المطبوخ باللحم والخضروات، والبعض يُضيف إليها رُب البندورة. وهناك من يَصبُّ عليه السمن البلدي.

وهناك اعتقاداتٌ شعبيةٌ كثيرةٌ مرتبطة بالمفتول، منها أنه يُستحب طبخه في يوم الجمعة، وأنه في شهر رمضان المبارك يَتعينُ طبخه ثلاث مرات مُتباعدة، وأن المفتول من الأكلات التي يُؤجَرُ عليها المرء وينالُ ثوبها الميت، ولذا تُطبخ في (وَنسة الأموات). ويحرصون على دفن اللحم في المفتول، وحجتهم في ذلك الآية القرآنيّة: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم).

وأجمل الاعتقادات وأكثرها غرابةً ما يُقال عن أصلها وكيف صُنعت أول مَرّة. فقد زعموا أن أصلها من الجن في عَهد النّبي سليمان، حيث اشتكى من الأرق والسهر وعدم القُدرة على النوم، فصنع طبيبه من الجن المفتول له، فلما أكل منها ذهب عنه الأرق، ومن يومها والمفتول يُطبخ ويُعتبر من أهم الأكلات الغذائية.

في السنوات الأخيرة تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن تشن حربا على التراث الفلسطيني بصفة عامة وسرقته، ونسب ذلك التراث من أطعمة وغيرها للإسرائيليين، حيث يشير كلبونة إلى وجود آراء مختلفة واجتهادات دون دليل بأن المفتول هي أكلة "الملك سليمان"، رغم عدم وجود أي دليل يثبت هذه الآراء.

المصدر