لا ريب أن التقنية ثلاثية الأبعاد، تنسحب على السياسة ايضا، وتجوز فيها المقاربة، لاسيما في حالة الصراع الفلسطيني الأسرائيلي الذي لا ينفك يأخذ ابعادا جديدة، لكنها في الحقيقة تظل بعيدة عن القضية ألاساس، قضية انهاء إحتلال إسرائيل لأرض فلسطين.
وليس مشروع القرا ر الفلسطيني-الاوربي- العربي المقترح على طاولة مجلس الأمن الدولي بقصد "انهاء الإحتلال الإسرائيلي" ، سوى دليل على ذلك. هو تناقض نعم، وهو الجزء الجديد من سلسلة التناقضات التي ظل هذا الصراع يخضع لها لهدف واحد: إطالة عمر الإحتلال الى ما شاء الله.
بدأ مشروع القرار، نتيجة ردة فعل، وليس فعلا او مبادرة. جاء من رحم تناقض آخر سبقه، فشل مفاوضات التسعة أشهر بوساطة وزير الخارجية ألأميركي جون كيري. وهي المفاوضات التي تمخضت فقط، عن مزيد من مصادرة الأرض والاستيطان، وتغول آلة القتل والدمار الإسرائيلية، كما في عدوان الصيف الماضي على قطاع غزة، ومواصلة اعتداءاتها في انحاء الضفة الغربية، لاسيما القدس.
اللافت أن المقترح الثلاثي، جب كل ما قبله، وكأن خزانة مجلس الأمن الدولي خاوية من اي مشروع قرار يدعو الى انهاء الإحتلال الإسرائيلي، أو على الآقل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاعتراف بفلسطين دولة بصفة مراقب.
ليس هذا كل ما في الأمر، فمشروع القرار، الذي ظل الحديث عن تعديله قائما الى آخر لحظة، لم يعدل.. بل انه يتحدث عن "حاجة ملحة" لإنهاء الاحتلال، ويعيد الـتأكيد على مسار المفاوضات، لينجح في إثارة حالة درامية جديدة توحي بوجود معركة مصيرية علينا نترقب نتائجها، مع تذكيرنا أننا خاسرون، كما في كل مرة.
وهي دراما تصلح للتداول على مختلف مستويات الابعاد "الوهمية" لقضيتنا، فالفصائل والحركات الوطنية المنضوية تحت لواء منظمة التحرير، تستخدمها لتبرر عجزها وهوانها بالقول ان الرئيس يهمشها، وحماس المنكفئة على نفسها في قطاع غزة ، تستخدمها لاظهار عجز غيرها ومواصلة الإانقسام.
ثمة ضجة كبيرة،و صراع قوي يوحي أن المسألة جدية ومصيرية، وما أكثر ما خالجنا مثل هذا الشعور على مدار سبعة عقود، وكأننا نورثه جيلا بعد جيل، لكن في نهاية كل منعطف كهذا، نستيقظ على صوت الإحتلال ولم يغب عن زاوية الشارع.
هي دراما اخرى نعم، بيد أن مقاربة التقنية الثلاثية الأبعاد علم وحقيقة،وليست خيالا، بل أنها جاءت من طبيعة الأشياء، و فلسطين، فلسطيننا، ليست فلسطينهم، ليست دراما أو خيال، هي ثلاثية الأبعاد أيضا: أرض،وشعب ، وحق.