الحدث- محمد غفري
لم يمضِ سوى أسبوعين على اجتماع مخابرات الاحتلال الإسرائيلي مع عدد من محرري "صفقة شاليط" المعاد اعتقالهم، حتى تقدم هؤلاء الأسرى بملف قضائي جديد نهاية الأسبوع الماضي أمام المحكمة العليا الإسرائيلية للمطالبة بالإفراج الفوري عنهم.
وقالت مصادر إسرائيلية إن 31 أسيرا أفرج عنهم في "صفقة شاليط"، واعتُقلوا بعد اختطاف المستوطنين الثلاثة في عام 2014؛ قدموا التماساً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، من خلال المحامي أفيغدور فيلدمان، يطالبون بالإفراج الفوري عنهم.
سلطات الاحتلال الإسرائيلي كانت قد أعادت اعتقال نحو 60 أسيراً من محرري صفقة شاليط عقب عملية اختطاف وقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل عام 2014. وتصر المقاومة الفلسطينية على الإفراج عن هؤلاء الأسرى قبل الحديث عن أي صفقة تبادل جديدة، والكشف عن مصير الجنود الإسرائيليين المختطفين في غزة.
طبيعة الملف المقدم للعليا
تقول إيمان نافع زوجة الأسير نائل البرغوثي، إنهم قرروا التوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لتقديم التماس للإفراج الفوري عن أسرى شاليط عقب انتهاء المرافعات في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وإرجاع الأحكام السابقة لهم.
وأوضحت نافع لـ"الحدث"، أنهم توجهوا إلى المحكمة العليا بملف واحد شمل 31 أسيراً يوم الخميس الماضي، وينتظرون تعيين جلسة للنظر في الالتماس، وفيما لو نجح الأمر سوف يتم تقديم طلبات للإفراج عن باقي أسرى الصفقة المعاد اعتقالهم.
ووفقاً للالتماس المقدم، فقد أعادت إسرائيل اعتقال الأسرى لأسباب سياسية، "بدافع الرغبة في الانتقام من خطف المستوطنين، رغم أنهم لم يرتكبوا جرائم أمنية منذ الإفراج عنهم في الصفقة، وأن الاعتقال ينتهك الاتفاقية الدولية الموقعة خلال صفقة شاليط".
وكتب المحامي فيلدمان في الالتماس "اعتقل الجيش الإسرائيلي والشاباك حوالي 60 فلسطينياً أفرج عنهم في صفقة تبادل "صفقة شاليط" وحتى يومنا هذا هم في السجن وهذا هو أكثر شيء مؤلم لحماس.. هذه هي المرة الأولى في تاريخ دولة إسرائيل التي يتم فيها إعادة الأسرى الذين أطلق سراحهم إلى السجن".
يمضي فيلدمان إلى القول "إن معظم السجناء المفرج عنهم هم بالفعل من البالغين ولن يجددوا نشاطهم مع الإرهاب، كما أنهم استوفوا جميع الشروط للإفراج عنهم".
شيء جديد يساعد الملف
يقول رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس إن المحامي فيلدمان يريد أن يتقدم باستئناف على قرارت إعادة اعتقال الأسرى، ويعتقد المحامي أن شيئا جديدا برز يمكن أن يساعده في التوجه لمحكمة العليا.
هذا الشيء الجديد وفق ما كشف فارس في حوار مع "الحدث"، أن وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بنيت ووزيرة القضاء الإسرائيلية إيليت شاكيد بعد أن شكلا حزباً جديداً اعترفا في نطاق حملتهم الانتخابية، أن إعادة اعتقال الأسرى كان إنجازا لهم بعد أن ضغطوا في المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" لاتخاذ إجراءات للضغط على حماس وعلى الشعب الفلسطيني.
وبالتالي أن يفصح الوزيرين في حكومة الاحتلال أن إعادة الاعتقال لم تجر في سياق أمني من وجهة نظر المحامي فيلدمان، وهو ما يشكل أرضية لإثبات أن الاعتقال تم لدوافع سياسية.
الملف قوي
"هذا الملف قوي جدا" يؤكد قدورة فارس، وذلك على اعتبار أن إعادة اعتقال هذا العدد من الأسرى المحررين هو نقض لاتفاق سياسي بين حكومة الاحتلال وتنظيم فلسطيني وبواسطة دولة (مصر).
وتابع فارس، أن إعادة اعتقالهم جاءت في سياق إجراءات انتقامية من الشعب الفلسطيني بعد مقتل ثلاثة مستوطنين.
وأوضح فارس، أن الاحتلال لجأ في إعادة اعتقالهم إلى خدعة تمت خلال المفاوضات، أن إطلاق سراح الأسير ضمن صفقة التبادل يتم دون إغلاق الملف السابق، وأن الأسير منح امتيازا ليكون حراً، وإذا أخل بشروط سرية وضعها الاحتلال يمكن إعادة اعتقاله بحكمه السابق من خلال لجنة عسكرية.
وهنا يرى فارس أن المحكمة العليا هي صورة إسرائيل أمام الخارج، وفي القضايا الواضحة تضطر لاتخاذ قرارات لتثبت أنها محكمة نزيهة، وكي تحاول نفي تهمة التمييز العنصري في إسرائيل، وبالمناسبة تصدر أحكاما وقرارات نادرة جداً فيما يتعلق بقضايا الفلسطينيين.
هل الإفراج عنهم انصياع لشرط المقاومة؟
تتزامن هذه القضية أمام المحكمة العليا ومن قبلها الاجتماع بالأسرى، مع تسريبات تشير إلى وجود مفاوضات سرية لإنجاز صفقة تبادل.
هنا يقول قدورة فارس أن أحد شروط المقاومة من أجل تقديم معلومات عن الجنود الأسرى هو الإفراج عن أسرى صفقة شاليط.
لذلك يحلل فارس، أن نتنياهو ربما لا يريد أن يفرج عن أسرى صفقة شاليط ضمن قرار سياسي، وإنما أن يحقق شرط المقاومة من بوابة القضاء، بمعنى أن يتم إطلاق سراحهم بعد مسرحية قانونية تسمح بإطلاق سراحهم، وبالتالي إيصال رسالة للمقاومة أنهم نفذوا الشرط، وبالتالي طلب المعلومات عن مصير الجنود.
لكن زوجة الأسير نائل البرغوثي تخالف قدورة فارس في الرأي عندما قالت "لا أعتقد أن هذا الأمر مرتبط بصفقة تبادل جديدة، لأن ما يجري هو إجراء قانوني اتخذنا قراراً به في السابق" ولكن المحامي يرى أن التوقيت الآن هو المناسب.
تختتم إيمان نافع "أنا لدي أمل كبير، وأنا على تواصل شخصي مع المحامي فيلدمان وهو لديه شيء إيجابي، ولكن الملف مرتبط بالمستوى السياسي في إسرائيل، لذلك نتأمل أن تتوفر الظروف السياسية التي تساعد في الإفراج عنهم".