الحدث - سجود عاصي
تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي يوميا بعمليات مداهمة واقتحام للقرى والمدن والمخيمات الفلسطينية، وتعتقل بشكل يومي أعدادا من الفلسطينيين بتهم تتعلق بمقاومة الاحتلال، ومع اختلاف طبيعة المعتقلين ومدى خطورتهم بالنسبة للاحتلال، إلا أن الثابت أن الاحتلال لديه إجراءات واحتياطات أساسية في كل عملية اعتقال. بعض هذه الإجراءات قد يؤدي لنتائج أكبر من عمليات الاعتقال، تصل لحد إعدام فلسطينيين "بشبهة" تشكيل خطر على أمن الجنود.
صباح الاثنين الماضي، أطلقت قوات الاحتلال الرصاص على ثلاثة فلسطينيين يستقلون مركبة صغيرة بالقرب من قرية كفر نعمة غرب رام الله مما أدى إلى استشهاد اثنين منهم. وكل المؤشرات ما عدا رواية الاحتلال، تشير إلى أن ما حدث كان حادث سير، وهذا مشار إليه في روايات شهود العيان حول طريقة إعدام الشبان، وكذلك في روايات أهالي الشهداء حول الأسباب التي كان يتواجد لأجلها الشبان الثلاثة في المكان.
ولكن، كان إعلان قوات الاحتلال مخالفا لكل الروايات القريبة والبعيدة، وهو على ما يبدو محاولة من قبل الاحتلال للتغطية على جرائمه بحق الفلسطينيين تحت شعار "عملية بخلفية قومية" وذلك من أجل استبعاد التهمة التي تحكم سلوك الجيش الإسرائيلي وهي الإعدام والقتل، لذلك تقوم أحيانا بتأليف عديد السيناريوهات لذلك.
وما حدث فجر الاثنين في كفر نعمة؛ سيناريو يمكن أن يتكرر يوميا، في حال مرت سيارة بالصدفة بالقرب من تجمع لقوات الاحتلال خلال تنفيذها لعمليات الاقتحام، أو ربما يصدر ضجيج من مكان ما ويجعلهم يطلقون النار مخلفين الشهداء والجرحى.
ويقول فؤاد الخفش مدير مركز أسرى للدراسات، إن ما يحدث خلال عملية الاعتقال حينما يصاب أو يستشهد أي فلسطيني؛ هو جزء من استراتيجية ينتهجها الاحتلال ضد الفلسطينيين خلال عمليات الاعتقال والمداهمة اليومية التي يقوم بها للمدن والقرى الفلسطينية من أجل ردعهم من القيام بأي عمل ضد قوات الاحتلال خلال مداهمتها للمناطق الفلسطينية.
وأضاف الخفش لـ "الحدث"، أن الاحتلال يريد إيصال رسائل من هذه الخطوات وهي أنه قادر على الوصول لأي مكان وأي شخص، وذلك تمثل مؤخرا في الاقتحامات المتكررة والاعتقالات التي طالت فلسطينيين في قلب مدينة رام الله، وأن جيشه موجود في أي لحظة وأي مكان.
وأشار مدير مركز أسرى للدراسات، أن الاحتلال يحاول تكريس فكرة أن الكل الفلسطيني مستهدف سواء سيدات أو رجال أو أطفال، وكلهم بنظر الاحتلال تحت دائرة الاستهداف، وذلك في محاولة لتثبيت فكرة أن السيادة على الأرض ليست لأحد سوى لجيش الاحتلال.
وأكد الخفش، أن عملية الاعتقال بحد ذاتها قد لا تستهدف المعتقل نفسه، وإنما تطال أشخاصا آخرين، لتصبح عملية خطيرة بحد ذاتها قد تفقد الإنسان حياته لمجرد إصدار أي صوت أو ضجيج لا شعوري يسمعه جيش الاحتلال خلال عمليات المداهمة والاعتقال. مشيرا، أن الاحتلال دائما ما يكون في حالة تأهب واستعداد، وعندما يتفاجأ بأي شيء غير محسوب يطلق النار دون التأكد من الواقعة التي جرت، "فهو وصل إلى مرحلة الهوس الشديد"، فيرى جنوده فتاة فلسطينية تمشي مشية معينة أو تمشي مسرعة نحو الحاجز يقوم فورا بإطلاق النار عليها لمجرد الاشتباه وهو يتعامل بهذه الآلية في معظم الأحيان دون التحقق لانه وصل مرحلة الخوف والهلع من أي حركة قد يقوم بها الفلسطيني.