خاص الحدث
تشكّل حركتا حماس والجهاد الإسلامي ثنائيا قويا في المواجهة مع "إسرائيل" في فلسطين بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص. ورغم أن الحركتين تتبنيان الكفاح المسلح كوسيلة أساسية للتحرير بالإضافة لخلفياتهما الدينية المشتركة، إلا أن علاقة الحركتين البينية تتسم بالتوتر أحيانا وبالحميمية أحيانا أخرى.
كان لنشأة حركة الجهاد الإسلامي تأثير قوي على اتخاذ حركة الإخوان المسلمين في فلسطين قرار تأسيس حركة سياسية تضم جناحا عسكريا (تأسيس حماس 1987)، وأصبحت الفجوة بين الطرفين سياسيا وفكريا أقل من أي وقت مضى، لكن ذلك لم يمنع من حدوث بعض الإشكاليات بين الحركتين خاصة في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
في الانتفاضة الثانية، كانت العلاقة قوية ويعود ذلك لتبني الطرفين مبدأ العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل، وظلت على ما هي عليه حتى عام 2006، عندما انخرطت حركة حماس في الانتخابات التشريعية، الأمر الذي اعتبرته الجهاد الإسلامي دخولا في مساق أوسلو ومؤسسات "التسوية" .
بعد الانقسام الفلسطيني عام 2007 شهدت العلاقة بين الطرفين توترا شديدا في بعض المراحل وصل إلى حد الاشتباك، وجاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2008 ليخلق علاقة قوية استثنائية بين الحركتين، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت العلاقة بينهما في معظم المواقف إيجابية.
وأشارت مصادرنا، أن العلاقة بين الحركتين تشهد توترا كبيرا في الأسابيع الأخيرة، وذلك لرفض حركة الجهاد الإسلامي بعض المقترحات التي قدمها "الوسطاء"، حيث تمارس حماس ضغطا كبيرا على الجهاد الإسلامي للقبول بهذه المقترحات وصل حد التهديد باعتقال أي مجموعة أو شخص يقوم بالرد بشكل منفرد على الاعتداءات الإسرائيلية دون التوافق مع حماس.
وأكدت المصادر، أن أفرادا من مجموعة "برق الجهادية" التابعة لحركة الجهاد الإسلامي تعرضت لمحاولة اعتقال من قبل عناصر الضبط الميداني التابعين لحماس، بعد ملاحقتهم لساعات طويلة قبل أيام، بشبهة إطلاقهم لبالونات حارقة باتجاه مستوطنات غلاف غزة.
وأفادت المصادر لـ "الحدث"، أن حركة الجهاد الإسلامي اتخذت قرارا بإطلاق البالونات الحارقة والقذائف بشكل فجائي غير معلن؛ تفاديا للاحتكاك بعناصر الضبط الميداني، الأمر الذي جعل الضبط الميداني يتخذ إجراءات جديدة على حدود قطاع غزة منها منع المرور من شارع جكر .
وكانت حركة الجهاد الإسلامي قد أبلغت حماس بأنها سترد على أي انتهاك إسرائيلي جديد في القطاع من خلال عمليات القنص أو قصف المستوطنات أو من خلال الكورنيت، وهو ما رفضته حماس محذرة الجهاد من القيام بذلك.
وتعتبر حركة الجهاد الإسلامي أن أي وقف للخطوات الميدانية على الأرض يستوجب أن تلمس الحركة وبشكل فعلي وعملي التزام الاحتلال بالتفاهمات المبرمة، لأنه يسود الاعتقاد لدى الجهاد بأن الاحتلال يماطل في الوقت من أجل شراء الهدوء حتى الانتخابات الإسرائيلية.
وقال مصدر من حماس، إن بعض المتنفذين في الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي يحاولون الرد على الاحتلال بشكل منفرد خارج إطار الإجماع الوطني والرد المشترك تحت إطار غرفة العمليات المشتركة، وأن من يقود هذه الحالة من التوتر هو بهاء أبو العطا قائد سرايا القدس في غزة وشمالها غزة، بدعوى وجود مشاكل شخصية بينه وبين حماس منذ عام 2007، وهو ما رفضه مصدر مسؤول حركة الجهاد الإسلامي قائلا، إن أبو العطا يتمتع بعلاقات قوية مع كتائب القسام وإن "المشكلة الشخصية" التي يتم الحديث عنها، وقعت عام 2007 عندما وقعت اشتباكات بين عناصر من حماس وعائلة حلس في منطقة سكن أبو العطا، والتي انتهت ولم يعد لها أي تأثير على العلاقة بين أبو العطا وقيادة حماس والقسام.
وكان الإعلام الإسرائيلي شن حملة تحريضية على أبو العطا قبل عدة أسابيع، متهما إياه بالوقوف وراء "التوتر" على حدود قطاع غزة، وأنه يعمل ضد توجهات الأمين العام الجديد لحركة الجهاد زياد النخالة، وهو ما نفته سرايا القدس في بيان رسمي، معتبرة ذلك مقدمة لمحاولة المساس، ومؤكدة على وحدة الموقف والتوجه بين القيادة السياسية والعسكرية في الحركة.
ورفض القيادي في حركة الجهاد أحمد المدلل في اتصال مع "الحدث" الحديث عن أي خلاف بين الحركتين، مؤكدا أن فعاليات مسيرة العودة تجري بالتوافق.