الحدث - علا عطاالله
تحتفل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، اليوم الخميس، بمرور 50 عاماً على تأسيسها، في ظل أوضاع، سياسية "مُعقدّة"، داخليا وخارجيا.
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون، أن حركة فتح تواجه تحديات مختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي، تتطلب منها إجراء "مراجعات معمقة"، و"ترتيب أوراقها"، من جديد.
وتحتفل حركة فتح في الأول من يناير / كانون الثاني من كل عام بذكرى تأسيسها منذ عام 1965، وتعد من أولى حركات النضال الفلسطيني ضد "الاحتلال الإسرائيلي".
ويقول هاني المصري، مدير مركز مسارات لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية، في مدينة رام الله، بالضفة الغربية إنّ حركة فتح تحتفل بـ"اليوبيل الذهبي" (احتفال يُقام بمناسبة مرور خمسين عاما)، وهي أمام مفترق طرق.
ويُضيف المصري لوكالة الأناضول:"حركة فتح بعد 50 عاما، تقف أمام كثير من التحديات السياسية داخليا وخارجيا، تجعلها أمام مفترق طرق، للنهوض بمستقبلها وتغيير نفسها".
ويأتي قدرة حركة فتح على تنظيم مؤتمرها العام السابع، (يشهد انتخاب قادة الحركة) في أول التحديات الداخلية وفق المصري، الذي أكد أن نجاح المؤتمر مرهون، برغبة الحركة في ترتيب أرواقها الداخلية، وفرض النظام والرأي الواحد، وضم كافة التيارات.
وتابع:" الخلافات الأخيرة بين القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، لم تعد خلافات شخصية، بل باتت أبعد من ذلك، وهو ما يتطلب من الحركة وهي تحتفل بعيدها الـ50، أن تسارع إلى ترتيب الأوراق، والنهوض مجددا، دون أي خلافات، وأن يكون مؤتمرها السابع نقطة الانطلاق نحو التغيير".
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال في خطاب متلفز من مقر الرئاسة برام الله بمناسبة الذكرى الخمسين لانطلاقة حركة "فتح"، بأنّ "مؤتمر فتح السابع سيعقد في وقت قريب".
ويرى المصري، أن حركة فتح مطالبة بإصلاح نفسها من حيث الخطط والبرامج، وأدوات العمل.
وتابع:" مطلوب استخلاص الدروس والعبر، من تجارب السنوات الماضية، وأنّ المراهنة وحدها على أسلوب المفاوضات، ومشاريع التسوية، لن يُفضي إلى تحقيق ولو الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية".
ويرى مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة أن حركة فتح، تواجه تحدي "ترتيب البيت الداخلي الفتحاوي، والفلسطيني معا".
وتابع:" زعيم حركة فتح، هو رئيس السلطة، وبالتالي فالحركة مطالبة، بالنجاح في معالجة المشاكل المزمنة التي خلّفها الانقسام الفلسطيني، وعدم الاكتفاء بالأمور الشكليّة، فنجاح حركة فتح خارجيا منوط بوقوفها على قاعدة شعبية صلبّة، أهمها تمتين الساحة الداخلية، وإجراء مصالحة حقيقية مع حركة حماس".
وفي 23 أبريل/نيسان الماضي، وقعت حركتا فتح وحماس (أكبر فصيلين على الساحة الفلسطينية)، عقب قرابة 7 سنوات من الانقسام ( 2007-2014) على اتفاق للمصالحة، نص على تشكيل حكومة توافق لمدة 6 شهور، ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
غير أن تلك التفاهمات لم تر النور، ولم تتسلم حكومة الوفاق الوطني أيا من مهامها، في قطاع غزة، بسبب الخلافات السياسية بين الحركتين.
ومطلوب من حركة فتح، أن تبحث عن خيارات أخرى، وجديدة لأشكال النضال والعمل السياسي، في ظل انسداد الأفق، وفشل المفاوضات مع إسرائيل، وفق أبو سعدة.
ويُضيف:" فتح تحتاج إلى البعد عن الخيارات التقليدية، والاستمرار في خيارات معتمدة منذ أكثر من عشرين عاما".
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، ناجي شراب، أن حركة فتح، أمام تحدي تسويق القضية خارجيا، وانتزاع الحقوق الوطنية، على اعتبارها من تقود السلطة، ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وأضاف شراب:" حركة فتح، وإن كانت تحتاج بعد كل هذه السنوات إلى مراجعة بنيتها التنظيمية الداخلية، هي مطالبة أكثر برؤية شمولية وطنية، وأن تدعو كافة الفصائل للانضمام إلى منظمة التحرير".
وتوصلت الفصائل الفلسطينية، إلى اتفاق في القاهرة عام 2005، ينص على تشكيل إطار قيادي مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، كخطوة أولى في مسار إصلاح المنظمة، ويضم هذا الإطار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وممثلي الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي، ويعتبر خطوة أولى لإعادة بناء المنظمة.
ووفق شراب، فإن حركة فتح بدأت في خسارة ما وصفه، بتواصل الأجيال، والبعد المكاني، مضيفا أن الخلاف البنيوي أثر على أداء الحركة سياسيا وجماهيريا.
وفي عام 2006، خسرت حركة فتح في الانتخابات التشريعية، أمام خصمها السياسي، حركة حماس، التي فازت بأغلبية المقاعد، وتبع ذلك سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، عسكريا في صيف عام 2007، الأمر الذي أضعف حركة فتح، وحصر نفوذها في الضفة الغربية فقط.
لكن يحيي رباح، القيادي في الحركة، يرى أن "فتح"، ستبقى فتيّة وشابة بعد كل هذه العقود.
ويعترف رباح، أن حركة فتح بحاجة إلى مراجعات داخلية وخارجية، جادة، أولها ترتيب البيت الداخلي الفتحاوي، إلا أنه يرى أن الحركة متمسكة بـ"الثوابت والحقوق الفلسطينية".
ويستبعد رباح، أن تؤثر الخلافات بين تياري دحلان وعباس على حركة فتح، مؤكدا أن تلك الخلافات تحدث في أي حركة، وأنّه بالإمكان تجاوزها.
واشتدت حدة الخلافات بين دحلان وبين عباس في مارس/آذار الماضي، عندما اتهم عباس، دحلان في اجتماع للمجلس الثوري لحركة فتح، بـ"التخابر مع إسرائيل، والوقوف وراء اغتيال قيادات فلسطينية والمشاركة في اغتيال الراحل ياسر عرفات".
وهو الأمر الذي نفاه دحلان، متهما عباس بـ"تحقيق أجندة أجنبية وإسرائيلية".
وتجدد التوتر بينهما، عقب إعلان رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، رفيق النتشة، في السابع من الشهر الجاري، عن إحالة ملف دحلان إلى محكمة جرائم الفساد، بتهمة "الفساد وتهمة الكسب غير المشروع"، وهو ما اعتبره دحلان "محاكمة سياسية" يدبرها له عباس.
ومؤخرا قام أنصار دحلان بالتظاهر ضد حماس في قطاع غزة، بعد أن سمحت حركة حماس التي لا تزال أجهزتها الأمنية تسيطر على غزة لهم بالخروج
ويُضيف رباح:" حركة فتح حريصة على الوحدة، وإنجاز كافة بنود المصالحة مع حركة حماس وتحقيق آمال الفلسطينيين، وستسعى جاهدة، إلى نيل كافة الحقوق من خلال المحافل الدولية، بدعم عربي ودولي".
وأمس وقع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على وثيقة للانضمام إلى 20 منظمة ومعاهدة واتفاقية دولية، أبرزها محكمة الجنايات الدولية.
وقال عباس خلال توقيعه على المواثيق، إن عدم قبول مشروع القرار الفلسطيني العربي في مجلس الأمن لن يمنعنا من محاسبة ومحاكمة الدولة التي تعتدي علينا وعلى أراضينا، وما قدمناه هو حقنا بإقامة دولة فلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وكل ما طلبناه وفق القانون الدولي.
وأخفق مشروع القرار أول أمس في مجلس الأمن الدولي بالحصول على الأصوات التسعة المطلوبة لإقراره بهدف "إنهاء الاحتلال الإسرائيلي" في عامين.