الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المعلومة الذهبية التي يبحث عنها الشاباك للوصول للمطارد.. من أين تأتي؟

2019-03-21 06:13:03 AM
المعلومة الذهبية التي يبحث عنها الشاباك للوصول للمطارد.. من أين تأتي؟
المعلومة الذهبية التي يبحث عنها الشاباك للوصول للمطارد-ارشيفية

الحدث ــ محمد بدر

ظلت الحاضنة الشعبية في قضايا المطاردين محورا مهما في التفكير الأمني الإسرائيلي إلى جانب سلوك المطارد. والمعادلة الواضحة أن معايير عدة تتحكم في سلوك المطارد، أهمها: الحاضنة الشعبية والسلوك الأمني الإسرائيلي وقدرات المطارد الأمنية والنفسية. وفي كل مرة يتمكن فيها فلسطيني بالانسحاب بعد تنفيذه لعملية فدائية، يبدأ الإسرائيليون بالحديث عن المعلومة الذهبية التي يمكن أن توصلهم إليه، وفي مرحلة لاحقة عن المعلومة التي أوصلتهم إليه.

إن هذه المعلومة الذهبية ليست كلمات مجردة عن المكان وليست تشخيصا للزمان في سياق الأحداث والفيزياء، وإنما نتيجة فعلية لسياق من الفعل الإسرائيلي الأمني السيكولوجي، لأن المعلومة الذهبية نتيجة عملية، للتلاعب بمجموعة من المتغيرات المستقلة النفسية والأمنية في محيط المطارد، وتسعى "إسرائيل" بكل جهدها من خلال إعلامها على تثبيت بعض المتغيرات في ثقافة البيئة الفلسطينية وتحديدا في الضفة الغربية.

في فترة مطاردة الشهيد أشرف نعالوة، نشر جيش الاحتلال ومخابراته منشورات حملت تهديدا كبيرا لمن يساعده، تضمنت تهديدا بهدم البيت والاعتقال لفترة طويلة. وفي الحقيقة، فإن القانون العسكري الإسرائيلي لا يسمح بهدم منازل مساعدي المطاردين إلا إذا تم ذلك خلال الاشتباك مع المطارد، كما أن مساعدة المطاردين لها سقف معين في الأحكام العسكرية، خاصة فيما يتعلق في إيوائه والأمور الحياتية، وهو ما يكشف عن الوجه الدعائي لهذه التهديدات.

ومن خلال إعادة قراءة السلوك الإسرائيلي في فترة مطاردة الشهيد نعالوة نستنتج أنها كانت فترة لتجربة التهديد والوعيد، ومدى تأثير ذلك في ذهنية البيئة، وبالتالي في سلوكها. ولكنه وبعد الكشف عن تفاصيل مطاردة الشهيد نعالوة، اكتشف الإسرائيليون أن تهديداتهم كانت تؤدي نتائج عكسية، واحتضنت الكثير من البيوت الشهيد، بل وتحوّل بعض مساعديه إلى مقاومين يخططون برفقته لتنفيذ عمليات فدائية، وهو ما كشف عنه الشاباك مؤخرا.

لجأت أجهزة الاحتلال الأمنية مؤخرا إلى أسلوب أكثر خطورة، يتمثل في التصريح بأن الجيش والشاباك وصلا إلى المطارد من خلال اعتراف بعض مساعديه، وأن مساعديه كانوا سببا في الوصول إليه وبالتالي اغتياله أو اعتقاله.

ومن المهم أن نقرأ هذا السلوك الجديد أمنيا ونفسيا واجتماعيا وثقافيا، لنصل إلى هذه النتائج: أولا: تحاول "إسرائيل" أن تزرع شكا بين المطاردين المستقبليين ومساعديهم، يدفع المطارد إلى الارتجال في السلوك في إطار بيئة حجبت عنه معظم تفاصيلها، ثانيا: ترهيب البيئة بأدوات البيئة، بمعنى زرع محاذير جديدة في فكرة مساعدة المطاردين، لأن المساعد المفترض سيعتقد بأنه في مرحلة ما سيتحول في نظر المجتمع إلى شخص سلّم صديقه وتسبب في اغتياله، وسيواجه عقابا اجتماعيا طويل الأمد، ثالثا: خلق تصور أكثر رعبا عن التحقيق، من خلال دفعنا للتخيل: كيف يمكن لشخص أن يعترف على مكان شخص رغم معرفته بأن حياته ستكون مقابل ذلك؟.

في ضوء ما تقدّم، من الضروري طرح رواية مضادة للرواية الإسرائيلية التي تستهدف الحاضنة الشعبية للمطاردين، من خلال التأكيد على خطورة كاميرات المراقبة واستخدام الأجهزة الإلكترونية وتحويل النقاش إلى اتجاه مختلف تماما، يفيد مجتمعنا الفلسطيني أمنيا ولا يساهم في تغيير ثقافته الأساسية وإنما في ثقافته الأمنية والتي من المهم أن تبقى محل جدل ونقاش ومراجعات.