على أصوات قرع الطبول والابتهالات الدينية، وتوزيع الحلوى، جابت فرق صوفية طرقات البلدة القديمة في مدينة نابلس (شمالي الضفة الغربية)، يتقدمها حاملو الرايات المزينة بأسماء أصحاب النبي محمد، يتبعهم حشد كبير من المواطنين يستمتعون بمشاركة هذه الفرق بإحياء ذكرى المولد النبوي.
بتلك المشاهد، احتفلت دمشق الصغرى (مدينة نابلس) بذكرى مولد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، والذي صادف اليوم السبت، حيث امتلأت شوارع المدينة بالزينة، وعبارات التهئنة، فيما تسابق أصحاب المحال التجارية إلى توزيع الحلوى على أبواب محالهم، مذكرين المارة بالصلاة على النبي محمد.
وتتميز مدينة نابلس بإحيائها المناسبات الدينية بطقوس صوفية منذ عشرات السنين، وهو ما يميزها عن باقي محافظات الضفة الغربية في هذه الأيام من السنة.
محمود حواري، صاحب أحد المحال التجارية في خان التجار بنابلس، عبّر عن سعادته بتوزيع الحلوى على الناس بهذه المناسبة، قائلا: "يكفينا أننا نذكِّر الناس بالصلاة على الحبيب المصطفى (نبي الله محمد بن عبدالله)، ونكسب الأجر في ذلك".
وأضاف، لـ"الأناضول" خلال انشغاله بتوزيع الحلوى: "الناس الآن بحاجة لمن يذكرهم بالرسول، وبإحياء سنته، وذكرى المولد النبوي فرصة جميلة ومناسبة لذلك".
وعلى بوابة أحد المحال التجارية، جلس حاج سبعيني يراقب فرقة صوفية تمر من أمامه تشارك بإحياء المولد النبوي، وقد علت الابتسامة محياه، وقال للأناضول: "منذ أن كنت شابا وهذه الطقوس لا تغيب عن مدينة نابلس، هذه المدينة لها رونق خاص وجو خاص في هذه المناسبات، وهناك من يأتي لزيارة نابلس في هذه الأيام ليشهد هذه الاحتفالات".
أما عن الفرق الصوفية التي تجوب شوارع نابلس في هذه المناسبة، بزي تقليدي خاص، فيقول رائد عبيد، عضو في أحد تلك الفرق: "هذه الذكرى الطيبة لا نقول إننا نحيي ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن نقول إننا نحيا بذكر الرسول".
وأضاف لـ"الأناضول" على وقع قرع طبول الفرقة الدينية: "الرايات التي نحملها خلال الاحتفال كتب عليها أسماء الصحابة (أصحاب رسول الله محمد) والصالحين، والتي كانت قديما مصدر قوة المسلمين في الحروب، وعندما غفل الناس عن ذكر الله جُعلت الطبول لتجميع الناس على ذكر الله عز وجل".
وتابع: "يقال إن هذه الطبول مصيدة للغافلين عن ذكر الله عز وجل، فنحن نرى بعض الشباب ممن غفل فيتذكر ذكر الله والصلاة على الرسول عندما يرى الرايات ويسمع الأناشيد والابتهالات والطبول، لعل الله يقذف في قلبه نور النبي عليه السلام، ويهدي قلبه".
ويتحدث عبيد عن أصل هذه الطقوس، مشيرا إلى اسمها المتعارف عليه وهو "العدّة"، فيقول: "قرع الطبول وحمل الرايات وترديد الابتهالات الدينية بهذه الطريقة، تسمى (العدّة)، وأصلها يعود لزمن القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي (532 - 589 هـ/ 1138 - 1193م) فعندما فتح بيت المقدس، جاء بهذه الرايات والطبول، وأرهب بها الصليبيين الذين كانوا يحتلون القدس".
وتابع "نحن نحيي هذه السنة اقتداء بالسلف الصالح".
وذكر عبيد أن (العدّة) هي من طرق القادرية والسادة الرفاعية والنقشبندية والدسوقية (طرق صوفية) "توصلنا بالله تعالى"، حسب قوله.
وتحيي فرق العدة الصوفية عدة مناسبات دينية في نابلس، كذكرى الهجرة النبوية والمولد النبوي، فبلاد الشام تتميز بهذا اللون الإسلامي الجميل والمميز، وفق ما قاله عبيد.
وتتشارك نابلس مع العديد من المدن العربية والإسلامية التي تحيي مناسبة ذكرى المولد النبوي.
الأناضول