الحدث- علا عطالله
في 4 ساعات فقط، يختصر سكان قطاع غزة، حياتـهم، وهم يستقبلون أول أيام عام 2015، في ظل توقف محطة توليد الكهرباء الوحيـدة عن العمـل جراء نفاد السولار الصناعي اللازم لتشغيلها.
وهذه الساعات الأربع، التي تقوم شركة توزيع الكهرباء بوصلـها معتمدة على "الخطوط الإسرائيلية والمصرية"، لا تكفي لإشعال المدافىء الكهربائية، ومد المنازل بالدفء المطلوب، للتغلب على برد الشتاء القارس، وصقيع "كانون"، كما يقول أمجد نعيم (42 عاما).
ويُضيف نعيم الأب لسبعة أبناء بينهم 4 أطفال أصغرهم يبلغ من العمر ثلاثة أسابيع، أن عودة أزمة انقطاع التيار الكهربائي في غزة، في ظل البرد، وقسوة الجو تزيد من معاناتهم اليومية.
ويتابع بحسرة: "الأطفال بحاجة إلى تدفئة، في مثل هذا الجو، ولكن للأسف الأجهزة الكهربائية تبدو بلا أي فائدة تُذكر، وأنا أسكن في شقة داخل برج سكني، لا يمكن أن ألجأ إلى الوسائل البدائية، كإشعال الحطب، أطفالي تجمدوا من البرد".
ويستنكر نعيم ما وصفّه بـ"بؤس الحياة"، في غزة، مضيفا أن العالم يحتفل ببداية العام الجديد، في ظل أجواء دافئة، يسودها التفاؤل، وهو ما يفتقده القطاع المحاصر إسرائيليا منذ أزيد من سبعة أعوام.
ويستدرك: "الجو ماطر، وشديد البرودة، وللعام الثامن على التوالي، ونحن نعيش ذات المأساة، التي تزداد عاما بعد آخر".
ومنذ أسبوع، توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، عن العمل، جراء نقص "السولار الصناعي" اللازم لتشغيلها.
وحذرت شركة "توزيع الكهرباء"، في بيان سابق لها من حدوث "كارثة إنسانية" تطول كافة مناحي الحياة، في ظل الأجواء الباردة، واضطرارها لزيادة عدد ساعات قطع التيار، ليصل إلى 20 ساعة يوميا، في وقت لا تتجاوز ساعات الوصل 4 ساعات في اليوم.
وكانت سلطة الطاقة الفلسطينية في غزة، أعلنت الأحد الماضي، توقف عملية ضخ السولار الصناعي لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع.
وكانت حكومة الوفاق، قد أعلنت عن إعفائها وقود الكهرباء في غزة من قيمة الضريبة المفروضة عليه لمدة شهر وجددتها لأسبوعين آخرين انتهت نهاية الأسبوع الماضي.
ولا تتمكن ربة البيت سوسن حميد (36 عاما)، من تدفئة منزلها ولو لدقائق معدودة، فتشغيل "مدفأة صغيرة"، كفيل بفصل التيار الكهربائي على الفور.
وتُضيف:" التيار الكهربائي الذي يأتي لساعات قليلة، لا يتحمل سوى الإنارة البسيطة، والجو شديدة البردة، والأطفال باتوا يعانون من أمراض الشتاء(الرشح، الزكام، تشقق اليدين)، لغياب وسائل التدفئة".
ويُجبر انقطاع التيار الكهربائي، العائلات في قطاع غزة، للعودة إلى الوسائل البدائية، وفي مقدمتها إشعال (كانون النار).
ويسارع الشاب معاذ محمد (23 عاما)، في جمع أعواد القش وأوراق الشجر لإيقاد كانون النار على سطح المنزل.
ويُضيف: "في المساء يشتد البرد، ولا يمكن احتمال الصقيع، لهذا نلجأ إلى نيران الكانون، فأزمة الكهرباء جعلتنا عاجزين عن استخدام الأجهزة الحديثة".
وتسبّبت الوسائل التي يستخدمها الفلسطينيون في إنارة منازلهم خلال فترة انقطاع الكهرباء بالعديد من الحرائق و"المآسي" الإنسانية.
وتضطر ربات البيوت، كما تقول سناء خليفة، (29 عاما)، إلى غسل الملابس، يدويا، بعد فقد الأمل في عودة التيار الكهربائي.
وبحسرة تُضيف:" والمشكلة أن قدوم التيار الكهربائي، لا يتزامن مع ضخ المياه (تأتي عن طريق البلدية عبر عدة خطوط)، ما يجعل حياتنا عبارة عن برد، وظلام".
ومع استمرار انقطاع الكهرباء يلجأ سكان قطاع غزة للبحث عن بدائل لإضاءة منازلهم، تمثل أبرزها في توصيل جهاز "الانفيرتر" (يو بي أس) ببطارية سيارة، ويتم توصيلها بأسلاك لتوليد الطاقة الكهربائية، حيث يؤخذ التيار المستمر من البطارية، ليتم تحويله إلى تيار متردد يكفي لإنارة المنزل، أو الاستعانة بـ"الليدات الكهربائية".
وقاسيا صعبا يأتي شتاء غزة هذا العام على أصحاب المنازل التي تضررت بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، كما يقول مصعب أبو شنب (52 عاما).
ويٌضيف:" البرد شديد، ولا يوجد كهرباء، ما يُضاعف معاناتنا، نغلق النوافذ، برقائق بلاستيكية، وأقمشة قديمة، الإعمار لم يبدأ بعد، ومعاناة غزة تزداد سوءا عاما بعد آخر".
وكان نشطاء، أطلقوا حملة ساخرة، على مواقع التواصل الاجتماعي للسخرية من عام "2015"، في ظل استمرار الحصار، وغياب الإعمار.