ظهرت بوادر التوصل لاتفاق "تفاهمات" بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل بوساطة مصرية، وهذا ما صرح به نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري، مؤكدا على أن غزة على أبواب توقيع اتفاق خلال الأيام المقبلة، يضمن حياة كريمة لسكان قطاع غزة وإيجاد فرص للعمل ورفع للحصار.
ويأتي هذا الاتفاق بعد ما يزيد على 12 عاما من الحصار الذي بدأ بسيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007، وبعد عام من مسيرات العودة وكسر الحصار حيث ارتقى عدد كبير من الشهداء والجرحى خلال هذا العام، وتخللت السنوات الماضية ثلاثة حروب خاضتها إسرائيل ضد القطاع فقتلت الآلاف منهم ودمرت المنازل والبنى التحتية، وما زالت تضغط عليهم وتنغص حياتهم بكل الطرق.
وأيضا يأتي هذا الاتفاق في ظل عقوبات تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة شملت قطع رواتب الموظفين وغيرها من الإجراءات.
لجأت المقاومة إلى ممارسة ضغط كبير على الاحتلال وعلى مستوطني غلاف القطاع من خلال انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار، فقام الغزيون باستخدام أدوات بسيطة لمقاومة الاحتلال ومحاولة الضغط على العالم للانتباه لمعاناتهم التي سببها الاحتلال، فاستخدموا الطائرات الورقية الحارقة والمتفجرة، وأيضا المحاولات المتكررة لاقتحام الحدود واقتلاع السلك الشائك، وانتهاء بمجموعات الإرباك الليلي التي ضغطت بشكل كبير على مستوطني غلاف غزة وأدخلتهم في حالة نفسية يرثى لها.
خلال هذا العام حاولت بعض الأطراف التدخل للتوصل إلى اتفاق تهدئة بين الطرفين، إلا أنها كانت تفشل في معظم الأحيان لعدد من الأسباب أهمها عدم جدية الاحتلال في حل قضية قطاع غزة.
في الأشهر الماضية بذلت مصر وقطر وبدعم من الأمم المتحدة جهودا كبيرة لمنع انزلاق الوضع في غزة إلى حرب واسعة بين المقاومة وإسرائيل، وقد نجحت الأطراف في التوصل إلى صيغة تفاهمات تضمن وقف إطلاق النار وضمان حياة كريمة لأهالي قطاع غزة بعد سنوات من المعاناة، ويتخللها فتح المعابر ورفع الحصار بشكل جزئي وإيجاد فرص عمل، وبالمقابل ستوقف المقاومة أعمالها على الحدود مثل إطلاق البالونات والطائرات الورقية المتفجرة والإرباك الليلي .. الخ.
الاتفاق الذي لم يظهر للعلن بعد ومازال قيد التجهيز حصل على دعم كبير من الشعب الفلسطيني كونه يعتبر انتصارا للمقاومة على الاحتلال وانتصارا للإرادة والجوع على الظلم والحصار، وأيضا حظي بانتقاد واعتراض قيادات الأحزاب السياسية لدى الاحتلال، ومن أبرز هؤلاء: حزب اليمين الجديد بقيادة نفتالي بينت وإيليت شاكيد اعتبر أن الاتفاق إذعان لحماس ورضوخ لها وقد وعد بينيت وشاكيد بالتصويت ضد الاتفاق إذا ما عرض على المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت).
عضو الكنيست شيلي حيموفتش قالت، إن "هذا فشل ذريع لنتنياهو ولا يوجد له أي إنجاز سياسي للدولة، وعلى العكس فهو يمنح حماس الانتصارات المتتالية، والدليل أخذ صورة "سيلفي" لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية وقائد حماس في قطاع غزة يحيى السنوار بالقرب من الجدار". وقال ايتما بن غفير، أحد مرشحي اتحاد أحزاب اليمين قال: "هذا اتفاق خنوع لحماس، ويجب وقف هذا الاتفاق"، مطالبا أعضاء المجلس الوزاري بالاستقالة.
يذكر أن هذه التصريحات تأتي ضمن الدعاية الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية، حيث لم يتبقَ على موعد الانتخابات سوى أيام، وقد استخدم معارضو نتنياهو هذا الاتفاق للهجوم عليه ومحاولة ابتزازه في الانتخابات القادمة.
يمكن القول، إنه اتفاق مهم وكبير للمقاومة الفلسطينية، ومثال جيد يعكس رفض الشعوب والأمم للاحتلال، وأن الشعوب بإرادتها تنتصر على السلاح والقتل والحصار، فسواعد أطفال غزة التي اتعبها الحصار انتصرت على أرتال القوة العسكرية وعلى أطنان المتفجرات التي ألقيت عليهم في ثلاثة حروب ولم تكسر صمودهم. وبدون أي مبالغة ولا محاباة، إن أطفال غزة ونسائها ورجالها ومقاومتها قد انتصروا وقالوا كلمتهم وألزموا الاحتلال بالرضوخ إلى حقوقهم.