ليس السؤال.. "فتح" أم "حماس" المسؤولة عن تفاقم المأساة التي يعيشها أهالي قطاع غزة، ذلك أن هذا السؤال يمثل مهربا من هموم الناس الملحة وقلقهم حيال واقع حياتهم المعيشية الصعب، بل ويهدف إلى استقطاب الناس وزجهم في الصراع القائم على "السلطة الغنيمة".
إن السؤال المهم والمصيري، الآن، هو "كيف ننزل الحركتين عن شجرة الانقسام الذي مهد له الاحتلال ويطيل من عمره معتمدا، من بين أشياء، على غريزة الاستحواذ على السلطة؛ وهي غريزة أظهرت تجربة الحركتين في إدارة الأوضاع في الضفة والقطاع (بشكل منفصل) على أنها "مغفلة" ولا تستجيب للحد الأدنى من تطلعات الفلسطينيين، عدا عن أنها تغفل أن كل السلطة موضوع الصراع بين الحركتين تقترب، أو تكاد، من تصورات الاحتلال حيال الدور المطلوب منها تحقيقه.
ورغم نية البعض الصادقة في رفع الحصار عن غزة بعيدا عن أي تسوية سياسية مع الاحتلال، أولئك الذين يريدون النجاة بأنفسهم من أية مشاريع لتصفية القضية الوطنية ولا يشاركون في الصراع الدائر على "السلطة الغنيمة"، إلا أنهم أخفقوا في حمل الحركتين على الخروج من الأنفاق المعتمة، بل ووقعوا، بتفاوت، في حبائل وحيل" الاستقطاب السياسي"؛ دون إدراك أن الهموم اليومية لشعب واقع تحت الاحتلال إنما نابعة، بالأساس، من كونه لا يحتمل مثل هذا "الترف" !
الخلاصة، ومن واقع أن مواقفنا من أي قضية مرتبطة بموقعنا منها، يتوجب على كل القوى الفلسطينية الفاعلة تحديد موقعها من الحالة الراهنة التي تعيشها غزة، وهي حالة لو استمرت ستلحق أضرارا كبيرة ومكلفة بمصير القضية الوطنية لكل الشعب الفلسطيني.
ومرة أخرى، فإن التجربة علمت كل من مروا في ظروف مشابهة، بأن أي تغيير للأحسن إنما يبدأ من إدراك أنه يتوجب الوقوف في الموقع الذي يتواجد الناس فيه، وليس من موقع تواجدنا نحن.