الحدث- هداية الصعيدي
لن تستيقظ أسماء الهبيل، في الصباح الباكر، على أصوات ضحكات صغيريّها "خالد"، "عمرو" بعد اليوم، ولن تطبع على جبينيهما ووجنتيهما "القبلات"، وهي تطلب منهما الانتظار قليلا حتى تصنع لهما كأسين من الحليب.
فقد تسبب حريق، في إسكات أنفاس الصغيرين خالد "4 سنوات"، وعمرو "3سنوات"، للأبد، داخل منزلهما الكائن في مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة، مساء أمس السبت.
وتقول عائلة "الهبيل" التي ينتمي لها الطفلين، إن أزمة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزة، هي السبب في موتهما.
وأعلنت وزارة الصحة، أمس السبت، أن الطفلين "الهبيل"، لقيا مصرعهما، جراء حريق كبير شب في منزلهما، فيما أصيب والدهما بجراح وصفت بالمتوسطة.
وقالت فاطمة الهبيل، عمة الطفلين، إن التيار الكهربائي الذي ينقطع 20 ساعة متواصلة في اليوم، وصل المنزل وانقطع أكثر من 4 مرات متتالية خلال دقائق معدودة، مما تسبب باشتعال مقبس كهربائي، في غرفة الصغيرين، محدثا حريقا كبيرا تسبب في موتهما.
وبتصرف طفولي، لجأ الصغيرين عمرو وخالد، وهما يصرخان ويناديان على والدهما، إلى داخل خزانة الملابس، ظنّا منهما، أن النار لن تصل إليهما هناك، إلا أن النيران، كانت قد أتت على كل شيء، وصبغت المكان باللون الأسود، وفق العمّة.
وفي بيت العزاء الذي افتتحته العائلة صباح اليوم الأحد، لا تتوقف والدة الطفلين "21 عامًا"، عن البكاء والنحيب، وهي تقول لكل من حولهما، "أريد أولادي.. عمرو وخالد لم يموتوا، إنهما على قيد الحياة، أرجوكم، أريد الذهاب إليهما".
ولم تبق ألسنة اللهب، على أي شيء من مقتنيات الصغيرين، خالد، الذي وصفه أقاربه بـ "الطفل الفطن، والذكي"، وعمرو، الذي تميز بضحكه ومرحه، فالنار أتت على ثيابهما، وألعابهما، وحولت كل ما حوته جدران الغرفة المحترقة، إلى رماد.
وكان والدهما محمد الهبيل (25 عاما)، والذي يعمل صيّادًا، حريصًا جدًا على عدم استخدام الشموع، كبديل للكهرباء، للإنارة، في متناول يديهما، خوفًا من أن يفجع بمقتلهما، كما حدث مع العديد من العائلات في قطاع غزة، لكن حدث ما كان يخشاه، بطريقة أخرى، وفق الهبيل.
وأوضحت أن والد الطفلين المحروقين، حاول مررًا انقاذهما، قبل أن يصل الدفاع المدني إلى المكان، إلا أن شدة الدخان تسببت في فقدانه لوعيه.
وأشارت إلى أن الأم "أسماء" كانت قد تركت طفليها قبل لحظات، في منزلهم الذي يقع في الطابق الثالث، ونزلت إلى الطابق الأول، حيث تقطن جدتهم، لإحضار بعض أرغفة الخبز.
وناشدت عمة الشقيقين، "دول العالم والمسؤولين وأصحاب الضمائر الإنسانية والحية"، بحل أزمة الكهرباء التي يعاني منها سكان قطاع غزة، منذ سنوات.
وأثارت تلك المأساة، سخط وغضب بعض سكان الحي، الذي تقطن فيه العائلة، تجاه استمرار أزمة الكهرباء في غزة.
وتعيد مأساة هذه العائلة المكلومة على فقد أطفالها، إلى أذهان الفلسطينيين، مأساة العديد من الأسر الفلسطينية، التي قضى عدد من أفرادها، بسبب اللجوء إلى الشموع والوسائل البديلة في الإنارة.
ولا يغيب عن ذاكرة عم الطفلين (شقيق والدهما)، يحيى الهبيل" 12 عامًا"، مشهد أبناء أخيه، اثناء إخراجهما، من الغرفة المحترقة، وهما جثتين متفحمتين.
ولا يصدق "الهبيل"، حتى اللحظة، أن "عمرو وخالد"، قد قضيا نحبهما.
ويتابع:" كنت أحبهما كثيرًا، وأقضى العديد من الساعات ونحن نلعب معاً، لقد كنا في صباح الأمس نلعب الكرة، لا أصدق أنهما لم يعودا للعب معي للأبد".
ولم يتوقف عن الدعاء بقوله "حسبنا الله ونعم الوكيل، بالمسؤولين عن أزمة الكهرباء، ما ذنب أبناء أخي كي يموتوا".