الحدث- إبراهيم أبو صفية
يواصل الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إضرابهم المفتوح عن الطعام لليوم الثالث على التوالي، وذلك بعد فشل الحوار بين قيادة الهيئات التنظيمية الممثلة للإضراب وما تسمى مصلحة السجون، وتعنتها في الاستجابة لمطالبهم، واحتجاجًا على استمرار تردي أوضاعهم داخل السجون.
ويعتبر الإضراب عن الطعام هو قيام شخص يتمتع بكامل قواه العقليه بالامتناع عن تناول الطعام باستثناء شرب الماء او الماء والملح، وذلك للتعبير عن الاعتراض أو للدفع بمطالب ما، وهنا في حالة الأسرى الفلسطينيين، هو أداة سلمية احتجاجية لانتزاع حقوقهم وصد العدوان الذي يستهدفهم.
وبحسب المؤشرات التي تشير إلى استمرار الأسرى في معركتهم، ما الذي يفعله الإضراب بالجسم، ومتى تصبح حياة الأسير مهددة؟، خاصة بعد الأيام الثلاثة الأولى التي ينتهي فيها مخزون الغذاء، تقول أخصائية التغذية رشا شواورة، إن الإضراب عن الطعام هو الامتناع عن تناول المغذيات الأساسية اللازمة لجسم الانسان، والإضراب الأكثر شيوعا هو التوقف عن تناول الأكل مع البقاء على الماء، كون الجسم يصمد بدون غذاء لعدة أسابيع بينما لا يصمد بدون ماء.
وأوضحت شواورة لـ"الحدث"، أن الخطر الحالي الذي يهدد الأسرى المضربين بأنهم يلوحون يعتزمون الإضراب عن الماء في مرحلة تكتيكية لإدارة المعركة، وهنا يصبح الخطر حتميا على حياتهم.
وبينت أخصائية التغذية، أن جسم الإنسان في الحالة الطبيعية قبل الإضراب وبعد تناول كل وجبة كاملة وكافية، يستفيد الجسم من الباقي ويخزنه في على شكل مركبات في الكبد وتسمى "الجلايكوجين". إلا أنه بعد اليوم الأول من الإضراب وخلال المرحلة الأولى التي قد تستمر لأربعة أيام يتغذى الجسم على هذه المادة ويتم استنزافها، ويستخدم الجلايكوجين كمصدر للطاقة حتى يستطيع القيام بالوظائف الأساسية والحيوية.
وأضافت شواورة، أن أعراض هبوط مستويات الطاقة تبدأ بالظهور خلال الأيام التالية بعد اليوم الثالث، كظهور الهزل العام والتعب والإرهاق.
وأشارت أنه بعد مرور الأسبوع الأول، يصبح الجسم يتغذى على الخلايا الدهنية والعضلات المخزنة لإنتاج الطاقة، مما يتسبب بأعراض وأوجاع في الجسم وعدم القدرة على القيام بالوظائف الأساسية وخصوصا الأسرى الذين يعانون من أمراض مزمنة، فهؤلاء يفقدون العضلات.
أما بعد اليوم ال 20، قالت شواورة، إن الجسم يدخل في مرحلة المجاعة، وهنا يصبح الخوف على الحواس وفقدانها، والتأثير على الجلد إذ يصاب بالجفاف، وإذا استمر أكثر من ذلك ينتقل التأثير إلى الأعضاء الحيوية ونقص الطاقة في الدماغ والجهاز التنفسي والهضمي، وأن المعدة هي العضو الأكثر تأثرا خلال فترة الإضراب لذلك تحتاج لعناية عند مرحلة الانتهاء منه.
وحول المدعمات التي قد يلجأ إليها بعض الأسرى، بينت شواورة أن إدخال المدعمات إلى الجسم للحفاظ فقط على المعادن خشية من حدوث نقص في الحديد والكالسيوم وفيتامين سي، مؤكدة أن مفاصل الجسم تعاني من الهشاشة وذلك قد يترك أثرا مزمنا بعد الإضراب.
بدوره، بين الأسير المحرر محمد القيق الذي خاض تجربتين في الإضراب المفتوح عن الطعام، أن الأسير الذي يخوض التجربة يكون لديه في الأيام الأولى هواجس وتخوفات داخلية على عقله وصحته، وتتدفق التساؤلات على العقل حول أين الأمور ذاهبة الأمور ومدة الإضراب، وكذلك التأثيرات الخارجية التي تتبعها إدارة السجون واستخباراتها والتي تهدف إلى تدمير الحالة النفسية خصوصا إذا كان الأسير مترددا.
وأوضح القيق لـ"الحدث"، أن الحالة النفسية التي تسيطر على الأسير بالتفكير بعائلته وصحته ومجريات الأحداث، وكذلك ضغط السجان الذي يأتي بورقة مختومة بأن الأسير المضرب سيفقد الرئتين والكلية والحواس، تصبح صراع تحديد المصير هل يستمر الأسير أم يتوقف. مضيفا أن تحديد المصير يعتمد على إرادة الأسير ورفع المعنويات من قبل الأسرى والتفاعل الجماهيري وثقته بالانتصار، واليقين بهدفه الذي يسعى لتحقيقه.
وحول الجسم، قال القيق إن الجسم يتغذى خلال فترة الإضراب على مخزونه في الأيام الأولى، وبعد ذلك تصبح حالة الانحدار والهبوط وظهور الأعراض الخارجية.
وفيما يخص مسألة تأقلم الأسير مع الجوع؛ أشار القيق إلى أن الثقة الحتمية والإرادة واتخاذ فكرة الانتصار كاستراتيجية، حتما ستؤدي إلى تأقلم الجسم كما يتأقلم المقاوم مع التراب في الأنفاق، لأن كل ذلك بنفس الاتزان. لافتا إلى أن الإنسان قبل الإضراب يمارس التغذية بشكل طبيعي، إلا أنه مع الإضراب يفقد ويجوع وعليه التأقلم خصوصا إذا أدار المعركة بشكل جدي.
وأكد على أن كل يوم يمر على الأسير خلال فترة الإضراب يزيد من المخاطر على حياته. مشيرا إلى أن الأسير يدخل في مرحلة الخطر الشديد بعد مرور 20 يومًا من الإضراب؛ أما الأسرى المرضى فإن المخاطر التي تهدد حياتهم تكون أشد، وخلال فترة أقل من غيرهم.