الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل تغيرت قواعد اللعبة.؟ / بقلم: نبيل عمرو

2015-01-05 04:49:03 PM
 هل تغيرت قواعد اللعبة.؟ / بقلم: نبيل عمرو
صورة ارشيفية
 
بصرف النظر عن الجدل القوي، الذي يدور فلسطينيا وعربيا ودوليا، حول فكرة الذهاب إلى مجلس الأمن وبعدها محكمة الجنايات الدولية، وبصرف النظر كذلك، عن التداعيات المحتملة، والتهديدات القاسية التي اتحد فيها الأمريكيون والإسرائيليون، إلا أن ما نحتاجه الآن، هو الإجابة الموضوعية عن السؤال... هل تغيرت فعلا قواعد اللعبة؟ وهل انتهى فصل من فصول العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية ليبدأ فصل مختلف؟؟
حتى الآن لا نملك إجابة قاطعة عن هذا السؤال، فكل الأطراف المتورطة في اللعبة الجديدة تذهب إلى الحد الأقصى في إعلان مواقفها.
الفلسطينيون حاصرهم اليأس من كل الاتجاهات، فلم يجدوا بداً من طرق الأبواب، حتى لو كانت موصدة بأحكام ضدهم، والإسرائيليون ذهب بهم الصراع الداخلي على السلطة حد فقدان العقل والمنطق، والانعزال المطلق عما يدور حولهم من تطورات، وكأن العالم كله ناخبين وأعضاء كنيست وحكومة، أما الأمريكيون الذين نصّبوا أنفسهم كعرابين للعملية من أولها لآخرها، فهم منصرفون الآن إلى ترميم الانهيارات التي أصابتهم داخليا وكونيا، وفي الشرق الأوسط يحاربون طواحين الهواء ويجدون في الفلسطينيين الضعفاء هدفاً للضغط وإحراز النتائج، وفي وضع كهذا يبدو جليا، أن قواعد اللعبة القديمة قد تصدعت وجنحت عن مساراتها، دون أن تتكرس قواعد جديدة أو بديلة تمارس اللعبة على أساسها في المرحلة المقبلة.
وقد ينجلي الأمر بعد اتضاح الوضع في إسرائيل، على ضوء الانتخابات المزمع إجراؤها بعد أسابيع من يومنا هذا، فإن عاد نتنياهو ليشكل حكومة مستنسخة في إسرائيل، فإن انهيارا محتما للصيغة القديمة سيحدث لا محالة، وأخطر ما ينجم عن هذا الانهيار هو الفوضى وانعدام السيطرة  والغرق في دوامة اللا أمل واللا جدوى من أي تحرك سياسي.
أما إذا وقعت معجزة التغيير في إسرائيل، وجاء المعتدلون إلى سدة الحكم والقرار، فعندئذ تعود القواعد القديمة إلى العمل، وقد نشهد محاولة لبعث الحرارة في الأسلاك الفلسطينية الإسرائيلية المقطعة، وربما يلقى ذلك صدىً في البيت الأبيض، يشجع باراك أوباما وجون كيري على استئناف جهودهما، بمبادرة ربما توقف التدهور وتفتح نافذة في جدار الإغلاق الأصم.
أما الفلسطينيون الذين اكتشفوا خط محكمة الجنايات متأخرا، ويواصلون الضغط على الجرح الأخلاقي الأمريكي في مجلس الأمن، ومهما بلغ التشدد في لغتهم، وقراراتهم، إلا أنهم الأكثر جاهزية لتجميد هذا المسار، إذا ما تجسم أمامهم بديل مقنع يبرر عودتهم إلى مسار التفاوض، الذي لن يعودوا إليه في أي حال من الأحوال دون ضمانات كافية، بألا يكون التفاوض من أجل التفاوض ليس إلا.
في وضع كهذا يجدر التوقف قليلا عند المسؤولية الأمريكية تجاه كل ما يجري، وهي مسؤولية مركزية لم تحسن الإدارات أدائها حتى في أفضل الظروف التي كانت مواتية للتقدم نحو الحل وحري بالأمريكيين أن يسألوا أنفسهم، لماذا جمدوا إلى حد القتل إطار الرباعية الدولية، الذي كان بمثابة اختزال إيجابي في صيغة المشاركة الدولية في العملية السياسية الشرق أوسطية، ولماذا حين فشل السيد كيري وأعلن صراحة مسؤولية إسرائيل عن الفشل لم يفعل شيئا لجعل الفلسطينيين يأملون نجاحا ما في المرة المقبلة.
لقد كان دافع كيري للتحرك النشط على المسار الفلسطيني الإسرائيلي هو نزع الفتيل من عامل التفجير الجوهري في المنطقة وهو القضية الفلسطينية، فهل هذا الدافع لم يعد قائما أم أن المنطق الموضوعي يقول، إنه صار أكثر إلحاحا في سياق المعركة الشاملة التي يقودها الأمريكيون ضد داعش وأخواتها، فإذا كان الصراع الإسرائيلي العربي تراجع قليلا أمام المعارك الجديدة، فهل لدى أمريكا ضمانات مقنعة بألا يختلط الحابل بالنابل، وأن تمتد السنة النار لتصل إلى حيث البؤرة الأكثر توترا وهي البؤرة الإسرائيلية الفلسطينية.
إن المعالجة الأمريكية لحرائق الشرق الأوسط، باتخاذ الجانب الإسرائيلي كالتزام مقدس مهما فعلت، سيزيد النار اشتعالا وسيضيف لها مساحات حريق جديدة لا حصانة لأي مكان منها.
لقد دخل الكونجرس الأمريكي أو على وشك الدخول في الضغط على الفلسطينيين ومعاقبتهم، فيما يبدو أنه أكثر طواعية لنتنياهو من الكنيست، وعلى الإدارة الأمريكية ذات المسؤولية الكونية أن تدقق في توجهاتها وأن تجيب بصورة موضوعية عن السؤال...
هل وقف القطرات التي تنقطون بها في حلق الفلسطينيين الجاف سيعدّل المسار في الشرق الأوسط، أم أنه سيدخل المنطقة من جديد إلى دوامة أكثر خطورة من كل ما مضى؟
هل ننتظر جوابا مقنعا عن هذا السؤال من أمريكا أم سيظل العمل بلا قواعد جديدة هو الأساس؟