الحدث- الأناضول
على مدار سنوات طويلة، لم تكن الحياة بهذه القسوة، والقتّامة بالنسبة لأسرة الفلسطيني صالح أبو طويلة، المُكونة من ثمانية أفراد، يتكدس جميعهم، داخل خيـمة صغيرة، شرق مدينة غزة.
فهذه الخيمة، المكونة من أقمشة بالية، تم تثبيتها بالحجارة، تحولت إلى بيتهم الدائم، بعد أن حوّلت الحرب الإسرائيلية الأخيرة، على قطاع غزة منزلهم المكون من طابقين إلى أكوام من الحطام.
ويقول أبو طويلة، (55 عاماً)، وهو يضع إبريق الشاي على موقد من النار، صنّعه من بقايا برميل حديدي دائري الشكل، إنّ الحياة صعبة وقاسية بالنسبة له وللمئات النازحين والمشردين أمثاله.
ويُضيف لوكالة الأناضول، وهو ينظر إلى الخيمة التي تتطاير جوانبها، بفعل الرياح الشديدة :" ما من مكان لنا سوى هذه الخيمة، على هذه النار، في داخلها نعيش تفاصيل حياتنا اليومية نطبخ، ونأكل، وندرس وننام، أين سنذهب؟ لم يعد لنا بيت، ولا مأوى".
وشنت إسرائيل في السابع من يوليو / تموز الماضي حربا على قطاع غزة استمرت 51 يوما، أدت إلى مقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وإصابة نحو 11 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، فيما أعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية،أن إجمالي الوحدات السكنية المتضررة جراء هذه الحرب بلغ 28366.
وتعهدت دول عربية ودولية في أكتوبر / تشرين الأول الماضي بتقديم نحو 5.4 مليار دولار أمريكي، نصفها تقريبا سيخصص لإعمار غزة، فيما سيصرف النصف الآخر لتلبية بعض احتياجات الفلسطينيين، غير أن إعمار القطاع، وترميم آثار ما خلّفته الحرب الأخيرة، لم يبدأ بعد.
وتضرب كتل الهواء الباردة، خيمة أبو طويلة، التي تشكل نموذجا لحياة النازحين، بفعل الحرب الأخيرة، وما يزيد أوجاع هذه الأسرة الفلسطينية كما يقول الأب المنخفض الجوي الذي يضرب المنطقة.
ويتابع:" لا كهرباء ولا ماء، الجو شديد البرودة، الخيمة طارت أكثر من مرة".
وعلى بعض الحجارة، التي شكلّت منها طاولة لمتابعة دروسها، تقول الفتاة نورا أبو طويلة البالغة من العمر 15 عاما، إنّها تدرس على ضوء الشمعة، أو الكشاف الصغير.
وتضيف بصوتٍ بائس لوكالة الأناضول:" هذه الخيمة، هي بيتنا، ندرس، فيها، وننام، وننأكل، التيار الكهربائي لا يصل المنطقة، حتى نمد أحد الخطوط داخل الخيمة، الحياة هنا قاسية جدا".
ومنذ نحو أسبوع، وبفعل توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل، جراء نفاد السولار الصناعي اللازم لتشغيلها، أعلنت شركة توزيع الكهرباء عن زيادة عدد ساعات قطع التيار، ليصل إلى 20 ساعة يوميا، في وقت لا تتجاوز ساعات الوصل (4 ساعات) في اليوم.
وتتمنى الفتاة أبو طويلة، أن يبدأ إعمار قطاع غزة، وأن تعود إلى غرفتها، بعيدا عن برد الخيمة وظلامها.
ووفقا لتقارير أممية، فإن أعداد النازحين من أصحاب المنازل المدمّرة، المتواجدين داخل مراكز الإيواء التابعة لـ(أونروا)، وفي بعض الخيام تصل إلى (20) ألف نازح.
وتتأثر المنطقة بمنخفض جوي عميق، أطلقت عليه دوائر الأرصاد الجوية الأردنية والفلسطينية، وبعض الشخصيات العربية العاملة في مجال المناخ، اسم "هدى".
وبدأت عائلات فلسطينية، مساء أمس الثلاثاء، بالنزوح من منازلها الواقعة في مناطق كانت قد تعرضت للغرق بمياه الأمطار والصرف الصحي خلال المنخفض الجوي "أليكسا" الذي ضرب قطاع غزة العام الماضي.
وتسبب منخفض ضرب المنطقة شتاء العام الماضي، وأُطلق عليه "أليسكا"، بغرق العشرات من منازل الفلسطينيين في غزة، وإغلاق بعض الشوارع، وعرقلة حركة السير، كما تعذرت الدراسة في غالبية المدارس.
وحذرت بلدية مدينة غزة، من آثار المنخفض الجوي الذي يضرب الأراضي الفلسطينية، منذ يوم السبت الماضي واشتد مساء اليوم الثلاثاء، على بنية القطاع التحتية التي قد يتسبب انهيارها بحدوث "كارثة إنسانية" في قطاع غزة.