صريح العبارة
بعد أن انتهت معركة الذهاب الى مجلس الأمن الى الفشل المحتوم، وبعد أن انكشفت الحقائق المرّة على المراهنين بنجاح المعركة في أروقة المجلس، بعد كل ذلك ، وبدون شماته نقول: رُب ضارة نافعة (دون أن يعني ذلك أن كل ضارة يمكن أن تكون نافعة).
يمكن للضارة أن تكون نافعة للفلسطينيين فيما لو حولنا من هذه ( الهزيمة ) نقطة انطلاق نحو مراجعة استراتيجية العمل على المدى القصير والمتوسط بإتجاه العمل على لملمة العمل الوطني الفلسطيني وتوحيده وإعلان التخلي عن نهج الاستفراد بالقرار وفرض الأمر الواقع وباتجاه الالتزام بعملية الاصلاح السياسي والاداري الداخلي .. ماذا يعني ذلك ؟
لا بد من دعوة إطار العمل القيادي الموحد الجامع لكل المكونات السياسية الفلسطينية ( الوطنية والاسلامية ) لرسم سياسة وطنية في إطار الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي ، وداخلية في إطار عملية الاصلاح الداخلي الفلسطيني وتحت هذه العناوين لا بد من مراجعة سياستنا الداخلية منذ وثيقة الاسرى في العام 2006 إلى اتفاق مكة في العام 2007 الى اتفاق المصالحة في القاهرة 2010 الى اتفاق الدوحة ، والشاطئ في العام 2014 . دون سجال طويل ، لقد مرت مياه كثيرة وجرى خروج عن اتفاقات كثيرة ، وجرى التعامل مع العديد منها لاعتبارات تكتيكية ، واستعملت ورائها الخدع وعدم الأمانة ، حتى أفقدت الشعب ثقته بكل محطات ما يسمى بالمصالحة الداخلية ، ومرت بسبب ذلك أو بمحاولة استثمار كل محطات الفشل من الاحتلال حروب ثلاث على قطاع غزة .. انتهت بدمار بنيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وسادت أوهام كثيرة بأننا قد حققنا انتصارات على الاحتلال ومن يطلع على الاوضاع بحقيقتها على قطاع غزة لا يجد سوى الفقر والجوع والتشردوالحصارالشامل والذوبان في البحر الابيض وعلى شواطئ ايطاليا غرقى في قاع البحر !
لا يمكن أن تكون القيادة المؤقته لفصائل العمل الوطني والاسلامي بديلاً عن إعادة بناء المؤسسة الوطنية الجامعة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وضرورة تجديد بنيتها الداخلية بالانتخابات الديمقراطية حيثما كان ممكناً ، وربما أصبح ضروراً انتخاب مجلس شعب موحد للداخل والخارج بديلاً عن الاشكال القائمة ( مجلس وطني ، ومجلس تشريعي ) ، بكل ما يترتب على ذلك من بناء قانوني ودستوري جديد بعيداً عن الاتفاقات والاملاءات الاسرائيلية الواردة باتفاق اوسلو ، وبتأسيس أنظمة انتخابية ديمقراطية تقوم على التمثيل النسبي الكامل وباحترام التعددية ونتائج العملية الديمقراطية .
لا يمكن أن تكون الخطوات التي اتخذتها قيادة السلطة بالذهاب الى الهيئات الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية بديلاً عن عملية إعادىة تصحيح آليات عملنا السياسي والاداري والاقتصادي الداخلي . ان مظاهر الفساد تنتعش في مجتمعنا بما أصبح يهدد البنية الاقتصادية الهشة ، لا بد من الاصلاح الاداري والاقتصادي بموازاة الاصلاح السياسي ، ذلك أن الشعب كما هو حال الضحية (الذي ينظر الى أيادي الصياد ولا ينظر الى دموعه) والشعب قد فقد الثقة بكل الوعود التي تقال عن بناء واصلاح ومحاربة فساد وهو لا يرى أثر لكل ما يقال ؛ فالفقر يزداد وكذلك البطالة ، وسوء الخدمات تنتشر والمحسوبية العشائرية والحزبية هي السائدة ، ولا بد من عمل كبير حتى يستعيد الشعب ثقته بقيادته السياسية ... والأسوأ هو بأن لا تُستعاد الثقة ابداً ..!
لقد أضعنا وقتاً طويلاً ، وجهداً ومالاً كثيرا ونحن نواصل خوض معركة دبلوماسية دولية كانت نتائجها واضحة منذ البداية ، وعلينا أن نستخلص منها الدروس في كل الاتجاهات ، بكل ما يترتب على ذلك من استبدال بالادوات فنحن أمام مرحلة جديدة وبأمس الحاجة الى أدواتها الجديدة في وجه طغيان عنصري صهيوني واحتلال يهدد مشروعنا الوطني الفلسطيني.