الحدث - إسراء أبو عيشة
يأتي عنوان المرحلة المقبلة للمصور الصحفي أسامة سلوادي، بالبحث التاريخي الأنثروبولوجي، والانتقال من التوثيق البصري، من خلال طرحه لمشروعه الجديد "رحلة في تاريخ الطعام الفلسطيني" المرفق بالصور، والذي تقدمه الصحافة الثقافية كونه "موثقا للتراث الفلسطيني".
وفي حديث سلوادي مع الـ "حدث"، قال إن رحلة تاريخ الطعام الفلسطيني، هي نظرة جديدة في كتابة الرواية الفلسطينية، وتعتبر قصة الطعام بمثابة بداية التغيير في الحضارة البشرية.
ويشير سلوادي، أن هذا البحث الأكاديمي سوف يبدأ على خطى الأجداد لأكثر من عشرة آلاف سنة من العصر النطوفي "نسبة إلى وادي النطوف شمال غرب القدس" حتى يومنا هذا، وستكون هذه الرحلة توثيقا لانتقال البشرية من حياة الصيد والالتقاط إلى حياة الزراعة "الثورة الزراعية"، التي بدأت بفلسطين، وإظهار مدى تأثيرها على الحياة الاجتماعية والدينية، وكيف انخلقت الطقوس والعادات، وكيف شكلت هذه التحولات في بناء المجتمعات الصغيرة ومن ثم توسعت وأصبحت مدنا.
ويضيف السلوادي، أن الزراعة خلقت لدى الإنسان قدرة على الاستقرار، لأنه في البداية كان يعيش على الصيد وقطف النباتات التي تخرج في موسمها، فالحياة الزراعية عملت على زيادة إنتاج الطعام والقدرة على تخزينه، مما استدعى بناء قرى وأسوار، وانقسم الناس في تلك الفترة إلى مزارعين ومدافعين، ومن هنا أنشئت المجتمعات الصغيرة كبديل عن الأسرة النووية، ومن ثم نشأت القرى الزراعية، وظهرت أول مدينة في التاريخ وهي مدينة أريحا في فلسطين.
ويشير السلوادي، أن أساس الحضارة الحديثة هي بداية عصر الزراعة الذي بدأ في فلسطين، والذي أدى إلى تحول كل البشرية إلى نمط حياة جديدة ما زلنا نعيشه منذ آلاف السنين إلى الآن، فكثير من الأعياد والطقوس الدينية الموجودة حاليا، هي امتداد للعادات الفلسطينية القديمة.
ويضيف السلوادي، "عصر الزراعة قاد إلى اختراع الأديان الأولى التي كانت مرتبطة بالزراعة، وكانوا قديما يقسمون دورة السنة بناءً على المواسم الزراعية، فأصبح هناك عيد الربيع، واحتفالات سنوية بعيد حصاد القمح، وعيد تموز "شهر الحصاد نسبة الى الإله تموز الذي كان في بابل وسوريا الكبرى"، وهذا يظهر أننا ما زلنا نرتبط بالطقوس والعادات والتقاليد التي كانت موجودة منذ آلاف السنين، وهذا يعني الاستمرار للثقافة الفلسطينية القديمة، وهنا نتحدث عن حضارة لم تنقطع وكل الحضارات التي مرت على أرض فلسطين اكتسبت أو انصهرت في الحضارة الفلسطينية التي كانت موجودة".
وأكد السلوادي، أن كل هذا التغيير الذي أنتجته الزراعة قاده للتفكير في دراسة الطعام الفلسطيني، وتوثيقه بطريقة جديدة، والذي سيكون عبارة عن رحلة كبيرة اسمها رحلة تاريخ الطعام، وصغيرة مثل رحلة "القمح" وطرح استخداماته، وتجميع كافة الأكلات والأطعمة التي يستخدم فيها القمح.
ويشير السلوادي، أنه وعلى الرغم من مساحة فلسطين التي تعتبر صغيرة لكنها تمتلك تنوعا لا تمتلكه منطقة أخرى في المحاصيل الزراعية، ويأتي ذلك بسبب التنوع المناخي والجغرافي والبيئي، حيث يوجد في فلسطين آلاف الأنواع من الزهور والطيور والنباتات والأشجار المثمرة، وهذا ما خلق مطبخا صحيا واسعا ومتنوعا.
وأشار السلوادي، أن مشروع "رحلة في تاريخ الطعام الفلسطيني" تعتبر نقلة مهنية جديدة، هدفها خلق وعي لأهمية الزراعة، والمطبخ الفلسطيني، وترسيخ الهوية الفلسطينية، وإظهار الحضارة الفلسطينية، ومحاولة لإعادة كتابة التاريخ الفلسطيني من زاوية الزراعة والطعام، وإظهار التغيير الذي خلقته الثورة الزراعة، التي بدأت من فلسطين وأخرجته للبشرية كاملة.
يذكر، أن أسامة سلوادي مصور صحافي فلسطيني، عمل مع العديد من وسائل الإعلام المحلية والعالمية، نشرت أعماله في العديد من الصحف والمجلات العالمية، وحصل على العديد من الجوائز، منها الميدالية الفلسطينية الذهبية للتميز والإبداع، ولقب "عين فلسطين" من الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين.