الحدث الفلسطيني- عبد العزيز صالحه
انتهت الجولة الأخيرة من التصعيد بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، ليكون السؤال المركزي الذي يدور في أذهان الجميع: هل نحن على أبواب تصعيد جديد، وما الذي حققته إسرائيل والمقاومة من هذه الجولة؟
بدأت جولة التصعيد من يوم الجمعة 3 أيار- مايو بعد أن احتدمت المواجهات على الحدود، وقامت إسرائيل بإطلاق النار، وبشكل مباشر على الفلسطينيين عند السياج الحدودي لتوقع منهم عددا من الشهداء والجرحى، وفي نفس اليوم أطلق فلسطينيون النار على أحد ضباط جيش الاحتلال المتواجدين على الحدود مما أدى لإصابته إصابات بالغة، لتبدأ إسرائيل في استهداف عدد من المواقع العسكرية التابعة للمقاومة ولتندلع موجة من القصف والقصف المضاد.
في هذه الجولة تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء والتي كانت تعتبرها المقاومة بمثابة إعلان حرب، حيث عادت إلى سياسة الاغتيالات التي توقفت منذ العدوان على غزة 2014، فأقدمت على اغتيال حامد الخضري والذي تزعم إسرائيل بأنه وراء وصول الأموال إلى المقاومة من إيران، وأيضا إسرائيل على استهداف قيادي في الجهاد الإسلامي في شمال قطاع غزة.
كما وتجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء عبر استهداف المباني وبشكل كبير، فأقدمت على تدمير عدد من الأبراج المهمة في قطاع غزة.
وفي المقابل هاجمت المقاومة معظم مستوطنات غلاف غزة بالصواريخ والقذائف؛ ويتميز قصف المقاومة خلال هذه الجولة بالزخم وكثافة النيران الأمر الذي ردع قدرة القبة الحديدية في التعامل مع قدرات قطاع غزة العسكرية مما أدى إلى مقتل عدد من المستوطنين وتضرر عدد من المنازل.
وبالإمكان القول إن اندلاع هذه المواجهة يعود إلى سبب مهم ومركزي يتمثل في تعنت حكومة الاحتلال لجهة عدم تنفيذ التزاماتها التي جرى التوصل إليها في تفاهمات سابقة بين المقاومة وإسرائيل، الأمر الذي زاد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في القطاع.
وما ان انتهت هذه الجولة حتى بدأ الحديث عن جولة جديدة من المواجهة والتي قد تكون أكثر عنفا من سابقاتها، فما الأسباب التي تقف خلف احتمالية تكرار المواجهة بين إسرائيل والمقاومة؟
أولا – إسرائيل تحاصر غزة منذ سنوات طويلة وهي المتسبب الأول في الفقر والبطالة وركود الاقتصاد الغزي لأنها من تسيطر على سماء وبر وبحر القطاع.
ثانيا - تملص حكومة الاحتلال من التفاهمات التي تم التوصل إليها بين المقاومة ودولة الاحتلال بوساطة مصرية.
ثالثا – تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة وارتفاع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق.
رابعا – شعور حماس بالمسؤولية عن قطاع غزة ورغبتها في تحسين الحياة المعيشية ورغبتها في إثبات أن المقاومة خيار صحيح وأنها تُجبر العدو على التنازل.
خامسا – الإجراءات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية من قطع للرواتب وفرض إجراءات عقابية اقتصادية على قطاع غزة، إلى جانب رغبة السلطة الفلسطينية، في خلق مواجهة بين إسرائيل وقطاع غزة في محاولة للسلطة للضغط على إسرائيل لإعادة أموال الضرائب التي صادرتها إسرائيل من عائدات الضرائب.
سادسا – عدم رضى حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة عن التفاهمات التي توصلت إليها حماس مع إسرائيل بوساطة مصرية فهي تحاول جر حماس إلى المواجهة مع إسرائيل.
سابعا – دور الإقليم الذي يرى في حركات المقاومة أمراً غير مرغوب فيه في ظل الهرولة العربية نحو التطبيع مع إسرائيل.
ثامنا – دور حكومة ترامب في الدعم المطلق لإسرائيل الأمر الذي فتح شهية إسرائيل في المنطقة.
تاسعا – الدور الضعيف والسلبي للوسيط المصري، والذي يفتقد إلى وسيلة ضغط للجم أي عدوان أو خرق تقوم به إسرائيل على قطاع غزة.
كل هذه الأسباب مجتمعة لم يتم التوصل إلى حل أي منها في اتفاق وقف إطلاق النار إثر التصعيد الآخير، باستثناء الاتفاق على العودة إلى التفاهمات السابقة دون تحديد زمن لتطبيق بنود هذه الاتفاقية، لذلك فإن فرص واحتماليات دخول القطاع في جولة جديدة من التصعيد ستكون فرصة قريبة جداً.