الحدث المحلي
عقد مركز بيسان للبحوث والإنماء اليوم الخميس جلسة نقاش لدراسة قانونية حول قانون العقوبات الساري في الأراضي الفلسطينية والتشريعات الفلسطينية الأخرى، ومدى حماية القانون والتشريعات للحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، وذلك بدعم من الصندوق العالمي للنساء، وبحضور لافت لممثلين عن المؤسسات النسوية والحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني، إضافة الى ممثلين رسميين عن مؤسسات دولية ومجلس القضاء النظامي والشرعي، والنيابة العامة، ووزارات ومؤسسات حكومية ذات علاقة بالموضوع.
إستخلصت الدراسة- والتي أعدتها المحامية الباحثة فاطمة دعنا- ان التشريعات الفلسطينية السائدة، وخاصة قانون العقوبات لا تتضمن معايير العدالة الاجتماعية ولا تشكل حماية للمرأة؛ كما أنها لا تتفق مع المعايير الدولية المؤسسة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، اضافة لإتفاقية سيداو؛ وهي من الاتفاقيات التي انضمت اليها منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية دون تحفظ. كما أشارت الدراسة الى الفراغ التشريعي الذي يشكل خللا في مجال سنّ التشريعات المناصرة للمرأة. وقد خلصت الدراسة الى مجموعة من التوصيات، على رأسها ضرورة وضع حلول للفراغ التشريعي والنص على التحرش الجنسي في الحيز العام والخاص، تحديدا في أماكن العمل، وتعديل كل ما يتعلق بالأعذار المخففة من العقاب على الجرائم بحقّ النساء، وإسقاط الحق الشخصي، إضافة الى تعديلات على النصوص التشريعية المتعلقة بالزواج، وتكراره وتزويج القاصرات وضرورة إقرار الزواج المدني، وحصر الطلاق بالمحكمة، وضرورة معالجة النصوص التي تتعلق بجرائم الزّنا والاغتصاب وتوفير خيار الإجهاض الآمن للنساء، بما يضمن حقوقهن، عدا عن تعديلات تضمن حق المرأة في التعليم والعمل والأحوال الشخصية وتوصيات أخرى خرجت بها الدراسة.
وقد شددت الدراسة على أهمية وجود حلول تكتيكية مرحلية، تقوم بطرح تعديل على قوانين العقوبات السارية، بما يتواءم مع معايير العدالة الاجتماعية والاتفاقيات الدولية التي أوصت لجانها الدولية بذلك، على نحو يضمن التوجه الاستراتيجي الذي يقضي بضرورة العمل على تعديل وإقرار تشريعات جزائية فلسطينية تضمن حماية النساء، علاوة على تطوير خطط تشريعية مستجيبة لحقوق النساء وخطط المناصرة لها.
وقد عالجت الدراسة بعض جوانب القصور والضعف في المنظومة التشريعية، حيث يشترط القانون الفلسطيني تكرار التحرش الجنسي في مكان العمل لإقرار واقعة التحرش. وقد عقب السيد مثنى الزبيدي، وكيل النيابة في مكتب النائب العام، وجود قصور في تعريف القانون الفلسطيني للإغتصاب، حيث لا يستطيع القانون إسناد الإغتصاب لمواقعة طفل، بينما يقتصر تعريفه على مواقعة الرجل للأنثى.
وفي مداخلة من الأسيرة المحررو خالدة جرار، عضو المجلس التشريعي السابق، أشارت فيها الى أهمية تضمين وجود الاحتلال كأحد أهم معيقات تحرر المرأة الفلسطينية، مضيفة أن موضوع حقوق المرأة جزء من صراع اجتماعي كبير، ويجب علينا العمل بنفس ثوري في النضال الاجتماعي، إذ لم تفِ فلسطين بالتزاماتها اتجاه اتفاقية سيداو، وعلى رأسها نشر الاتفاقية.
فيما ذكرت ممثلة القضاء الشرعي السيدة إسراء الهباش، أنه حسب دراسة أنجزها القضاء الشرعي، لا يوجد تعارض بين سيداو وأحكام الدين الإسلامي، كما أعلنت بدورها عن خطة في القضاء الشرعي لتنفيذ اتفاقية سيداو، بينما أشار فريد مرة، عضو مجلس إدارة في مركز بيسان أن وثيقة الاستقلال تتحدث عن دولة علمانية، وهي المرجع الأساسي الذي يجب اعتماده في محاكمة القوانين والتشريعات المختلفة، وبالتالي يفترض دراسة القوانين لتبيان نواحي الظلم فيها، ما يتطلب تعديلها وفق معيار العدالة الاجتماعية والالتزامات الدولية للسلطة الفلسطينية.
وقد أشار المحامي علاء بدارنة من مركز حريات الى ضرورة تحميل السلطة مسؤولياتها في إحقاق العدالة للنساء، موضحا أن سكوت الدولة عن التمييز والاضطهاد الذي تتعرض له المرأة لا يعفيها من المسؤولية اتجاه تعديل القوانين والتشريعات التي تنتهك حقوق المرأة.
وقد أجمع الحضور على الطرح المتمثل بنشر اتفاقية سيداو في الجريدة الرسمية "الوقائع" كخطوة أولى نحو تعديل ومواءمة القوانين الفلسطينية للالتزامات المذكورة بالاتفاقية.