الحدث- وكالات
حذرت المنظمة الإسرائيلية «أطباء لحقوق الإنسان»، من انهيار القطاع الصحي في المناطق الفلسطينية، وقالت في تلخيص لدراسة أعدتها حول هذا الموضوع إن إسرائيل لا تستطيع أن تتهرب من مسؤوليتها في هذه القضية، وإنه تقع عليها مسؤولية أساسية في إنقاذ الوضع المتردي.
ومن أبرز ما جاء في هذه الدراسة أن قطاع الصحة الفلسطيني يعاني منذ سنوات من نقص دائم في المعدات الطبية والأدوية، وفي الأطباء المختصين، وقالت إنه في فترات معينة تعمل الأطر الطبية وفق نظام الإضراب الدائم، أي 3 أيام في الأسبوع فقط، وكثيرا ما يجد الأطباء أنفسهم من دون معدات أساسية، كالحقن والكفوف الواقية. ومن الدلائل البارزة على عجز الجهاز الطبي الفلسطيني، حسب الدراسة ذاتها، إرسال المرضى للعلاج خارج مناطق السلطة، كإسرائيل ومصر والأردن، في وقت تتقلص فيه العلاجات والإجراءات الطبية المختلفة للفلسطينيين.
وشددت الدراسة على وجود فجوات عميقة بين الجهازين الطبيين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث يصل معدل الإنفاق الصحي إلى 248 دولارا للفرد الواحد في مناطق السلطة الفلسطينية، مقابل 2046 دولارا للفرد في إسرائيل. كما يزيد معدل الحياة في إسرائيل بالنسبة للرجال والنساء، عن معدل الحياة في مناطق السلطة الفلسطينية بعشر سنوات تقريبا (79.9 سنة لدى الرجال الإسرائيليين، مقابل 71 سنة لدى الفلسطينيين، و83.6 لدى الإسرائيليات، مقابل 73.9 لدى النساء الفلسطينيات). أما في مجال وفيات الأطفال لأقل من سنة، فتصل في السلطة الفلسطينية إلى 18.8 حالة وفاة لكل ألف مولود، مقابل 3.7 حالات مقابل كل ألف مولود في إسرائيل.
وفي مجال القوى البشرية يُستدل من الدراسة على أنه يوجد في إسرائيل ما نسبته 3.33 طبيب لكل ألف مواطن، بينما لا تزيد النسبة عن 1.6 لكل ألف مواطن فلسطيني. وتتعاظم الفجوة عندما يتعلق الأمر بالأطباء الخصوصيين، حيث يوجد 0.22 طبيب لكل ألف نسمة في السلطة الفلسطينية، مقابل 1.76 طبيب مختص لكل ألف نسمة في إسرائيل. وهناك أيضا فجوة عميقة في مجال الممرضات (1.9 ممرضة لكل ألف نسمة في السلطة، مقابل 4.8 ممرضة لكل ألف نسمة في إسرائيل). وبالنسبة لعدد الأسرّة في المستشفيات يتبين أن المستشفيات الفلسطينية تضم فقط 1.3 سرير لكل ألف نسمة، مقابل 3.27 لكل ألف نسمة في إسرائيل.
كما تشير الدراسة إلى أنه رغم تحرير إسرائيل من المسؤولية الطبية عن الفلسطينيين، وفق اتفاقيات أوسلو، وتحويلها إلى الجهاز الطبي الفلسطيني، إلا أن القطاع الطبي الفلسطيني ازداد تعلقا خلال العقدين الماضيين بأجهزة السيطرة الإسرائيلية، سواء بشكل مباشر، وذلك حينما يجري الحديث عن تحويل أموال الضرائب مثلا، والسيطرة على الميزانية العامة للسلطة الفلسطينية، أو بشكل غير مباشر في مجالات عدة تتعلق بالجهاز الصحي.
ومن بين الأمور التي تبرز هذا التعلق، هناك القيود التي تفرضها إسرائيل على انتقال المرضى بين الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وحتى داخل الضفة، إذ يضطر قرابة 200 ألف فلسطيني سنويا إلى طلب تأشيرات من إسرائيل لكي تسمح لهم بالتنقل لأغراض طبية. وهذا الإجراء المعقد ينتهي سنويا برفض ما لا يقل عن 20 في المائة من الطلبات. ويزداد تفاقما عندما يتعلق الأمر بالطلبات التي يقدمها سكان قطاع غزة، خاصة أنه يتم استدعاء مقدمي الطلبات للتحقيق معهم في «الشاباك»، مما يضطر الكثيرين منهم إلى التخلي عن طلباتهم.
كما تؤثر آليات السيطرة الإسرائيلية على القوى البشرية الطبية، بدءا من مراحل التدريب، ومرورا بالاستكمال المهني، وحتى تسلم العمل. وكمثال على ذلك فإن إسرائيل تحدد عدد أفراد الطواقم الطبية الفلسطينية الذين يُسمح لهم بالعمل في القدس الشرقية، التي توجد فيها المستشفيات الـ6 الرئيسية للفلسطينيين. كما يتم فرض قيود على شراء الأدوية والمعدات الطبية، وذلك بسبب خضوعها للاتفاقيات الاقتصادية مع إسرائيل. ولا يُسمح باستيراد أي دواء إلى السلطة ما لم يكن مصادقا عليه في إسرائيل، الأمر الذي يمنع عمليا استيراد الأدوية من أسواق الدول العربية، التي يمكنها تزويد الأدوية للسلطة بأسعار مخفضة.