الحدث- محمد غفري
داخل مطبخ صغير في حي وادي الجوز في القدس المحتلة، يعكف متطوعو جمعية نسائم المقدسية يومياً خلال شهر رمضان، على تحضير وتعبئة وجبات الإفطار في علب أنيقة، كي تقدم للأطفال المرضى ومرافقيهم الذين حضروا للعلاج في مستشفيات القدس المحتلة.
أطفال ونساء ورجال، هذه سيدة تقوم بتعبئة ورق الدوالي داخل العلبة، وقد حضرته سيدات المدينة صباحاً، وآخرٌ يضيف قطعة الدجاج، وطفل يساهم بحبة كوسا، ثم تغلف سارة الوجبة داخل علبة صنعت بكل الحب والاتقان، لتقدم إلى جانب السلطة واللبن والتمر والماء.
بسبب حالة خاصة، تأسست جمعية نسائم المقدسية قبل أربع سنوات في القدس، ومنذ ذلك الوقت تعمل على تقديم الدعم المعنوي والمادي للمرضى القادمين إلى القدس من الضفة الغربية وقطاع غزة.
يقول عيسى القواسمي وهو أحد مؤسسي الجمعية، إن الجمعية تأسست قبل أربع سنوات، بعدما مرض الطفل حبيب (10 سنوات) بمرض السرطان، وهو ابن رجائي ابن عمه، وقد تم إرساله للعلاج في مستشفى هداسا عين كارم.
حالة من الإحباط واليأس أصابت رجائي والد حبيب في ذلك الوقت، إلا أن اختلاطه بعائلات مرضى السرطان وحالاتهم الصعبة ساعدته على الخروج من أزمته النفسية، كي يقاوم إلى جانبهم ويشد من أزرهم.
هنا يضيف القواسمي، أنه توجه لزيارة المريض مع زوجته خلال شهر رمضان، حينها سأل رجائي ابن عمه من الذي يقدم الإفطارات لعائلات المرضى من غزة والضفة فرد عليه "لا أحد".
قرر عيسى وزوجته تقديم الإفطارات لهم بمساعدة ابن عمه رجائي، ولمدة شهر كامل قدموا حوالي 35 وجبة في اليوم.
بعد ذلك، انتقلوا للاهتمام بقضايا أخرى تتعلق بالمرضى والمرافقين لهم، مثل نقلهم في سيارات خاصة من الحواجز إلى المستشفيات.
"عندها قررنا تشكيل جمعية خاصة، وحصلنا على التراخيص قبل ثلاث سنوات" وفق ما ذكر عيسى القواسمي لـ"الحدث".
تعمل الجمعية هذه الأيام لتحقيق أربعة أهداف، أولها تأمين المواصلات لمرافقي المرضى من الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة وحتى مستشفيات القدس، أما الهدف الثاني فهو تسجيلهم في المستشفيات كونهم لا يعرفون اللغة العبرية التي يتم التعامل من خلالها في مستشفيات القدس.
والهدف الثالث هو تأمين المسكن لهم. يقول القاسمي، إنهم في بعض الفترات سابقاً دفعوا مبالغ مالية طائلة مقابل تأمين السكن لهم في فنادق القدس، ولكن بعدها نتيجة ضغط منهم على مستشفى هداسا، حصلوا على قسم فيه 6 غرف ومطبخ، بواقع 12 سريرًا، ينام فيه مرافقو المرضى.
وآخر الأهداف التي ذكرها القواسمي هو تأمين وجبات الطعام لهم، حيث يقومون بتحضير وجبات الغداء للمرضى والمرافقين لهم ثلاث مرات في الأسبوع طوال العام، وفي شهر رمضان يقدمون وجبة الإفطار لهم بشكل يومي.
هذا العام، تقدم جمعية نسائم المقدسية مئة وجبة في اليوم، توزع في مستشفى هداسا عين كارم وفي مستشفى المطلع.
وعن مصادر التمويل، يؤكد القواسمي أن التمويل من أهل الخير في القدس فلا توجد مؤسسات أو دول تدعمهم من الخارج.
الأهم وفق القواسمي، هو عمل الجمعية على تقديم الدعم النفسي للمرضى ومرافقيهم، والوقوف معهم طوال الوقت، مضيفاً "استطعنا خلق حالة ترابط بين أهل القدس وأهل الضفة وغزة، وتواصل مستمر ومودة، وشعورهم أنهم في بيتهم في القدس".
وتابع القواسمي "نقدم الحليب، والحفاظات، والأجهزة الطبية، كما نقوم بنقل المرافقين للمرضى من كبار السن للصلاة في المسجد الأقصى، وحتى القيام بتجميل وقص الشعر للنساء مرافقات المرضى".
وأشار إلى أن جمعية نسائم المقدسية تعكف هذه الأيام على التحضير لإفطار جماعي كبير يوم السبت القادم مع الأطفال في مستشفى المطلع.