الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اختلاف الثقافات والدّين بقلم: جميل السلحوت

2015-01-09 10:14:39 AM
اختلاف الثقافات والدّين بقلم: جميل السلحوت
صورة ارشيفية
 
تثير عملية اطلاق النار في مقر المجلة الفرنسية تشارلي هيبدو في باريس، ومقتل12 بينهم شرطيان فرنسيان وجرح عدد مثلهم، من جديد قضية الارهاب الذي يرتدي العباءةالدّينية، ففي الدول الغربية لم يعد التعرض للديانات بالنقد والتجريح من المحرمات، معأنّ غالبية شعوب تلك الدول متدينة بطبعها وبطريقتها الخاصة، وهي تعطي الحرية لرعاياها بحرية المعتقد، فمن شاءفليؤمن ومن شاء فليكفر، ولعل استبداد الكنيسة وتحالفها مع أمراء الاقطاع في العصورالوسطى، واحد من أسباب الخروج على الكنيسة وعلى التعاليم الدينية، ومع أنّ تلكالدّول لا تحكم بالدين فان هذا لا يمنع حكامها من التدين، أو فهم الدّين كمايشاؤون، فعلى سبيل المثال شاهدنا الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش كيف شنّحروبه التدميرية على العراق وأفغانستان وهو يصرح لوسائل الاعلام، بأنّه"يتلقى التعليمات من الرّب"، ولسنا هنا في مجال البحث حول الرّبّ الذييؤمن به.
 
تماما مثلما نحن لسنا في مجال البحث عن ارهاب الدّول الذي مورس ويمارسحتى يومنا هذا، ولسنا هنا في مجال الحروب الارهابية بكل المقاييس التي شنتها دولغربية تزعم أنّها ضد الارهاب ومع حقوق الانسان، لكننا سنركز على عمليات ارهابيةقام بها مسلمون باسم الدّين الاسلامي، خصوصا تحت شعار الدفاع عن الرسول محمد صلىالله عليه وسلم، والتي بدأها الامام الخميني عندما دعا الى قتل الكاتب الباكستانيسلمان رشدي، صاحب"الآيات الشيطانية"، ولم يتم قتل سلمان رشدي، لكنّ "فتوى" الامامالخميني جعلته واحدا من أشهر كتاب العالم بعد أن كان مغمورا لا يعرفه مواطنوه،وروايته "آيات شيطانية" من الكتابات الرديئة تماما مثلما هي كتاباتهالأخرى، حسب ما قاله عنها من قرأوها.

واذا كان المسلمون يدافعون عن الرموز الدينية ومنها النبي محمد عليه الصلاة والسلام، والقرآن الكريم، وهذا حقهم طبعا، فان الواجب يستدعي منهم أن يتساءلوا عنالأسباب التي تدعو الغربيين الى فعل ذلك؟ وعليهم أن يدركوا أن الغربيين ليسوا مسلمين، ولا يعلمون عن الاسلام ونبيه ومقدساته شيئا، فالغربيون اعتادوا نقد الديانات والفكر الديني، وبدأوا بديانتهم المسيحية، وانتقدوا اليهودية، وقوانينهم وشعوبهم ودولهم تعتبر ذلك ضمن حرّية الرأي، وبغض النظر عن اتفاقنا معهم أو عدمهفان هذا أمر يعنيهم هم لا نحن، وعلينا أن نتذكر- نحن المسلمين- بأنّنا على قناعةوايمان بأنّ الدّيانتين المسيحية واليهودية محرّفتان، وأن الانجيل والتوراة محرّفتان مع ايماننا بنبوة موسى وعيسى عليهما السلام، وتشهد على ذلك نصوصنا الدينية وأدبياتنا، وهم يعلمون موقفنا هذا، لكنهم لم يحاسبوا أيّا منّا على ايمانه وقناعاته بهذا الخصوص، فهل يجوز لنا ما لا يجوز لهم؟ وهل تساءلنا ولو مرّة واحدةعن الأسباب التي دعت الملايين من المسلمين والعرب للهجرة الى تلك الدول؟ وكيفوجدوا فيها ملاذا آمنا افتقدوه في أوطانهم؟ وكيف سمحوا لهم بحمل جنسيتهم والعمل فيبلدانهم، مع أنّ الملايين من أبناء شعوبنا من"البدون" أي بدون تجنيس فيأوطانهم التي عاشوا فيها أبا عن جدّ منذ آلاف السنين؟

ومع ادانتنا الواضحة والتي لا تحتمل اللبس للعمل الارهابي الذي استهدفالمجلة الفرنسية تشارلي هيبدو في باريس يوم 7-1-2015 والذي أزهق أرواح أبرياء فرنسيين، تماما مثلما هو مدان كلّ عمل ارهابي يستهدف الأبرياء في أيّ مكان في العالم، إلا أنّنا نعود مرّة أخرى الى التساؤل حول الأسباب التي تدعو غربيين الى الاساءة الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أو الى المصحف الشريف؟ وماذا يعرفهؤلاء المسيؤون عن الرسول وعن القرآن؟ وهل هناك ثارات بين الطرفين؟

واذا كنا منصفين في الاجابة على هذه الأسئلة سنجد أنّ ما يدفع أولئكالمسيؤون الى الاساءة هو تصرفات مسلمين من بين ظهرانينا، لا يفهمون دينهم الصحيح،ومعبأون بفهم خاطئ عن المسلمين الآخرين وغيرهم؟ ويرتكبون جرائم وحماقات ضدالانسانية باسم الدين، كعمليات قطع الرؤوس التي جرت وتجري في سوريا والعراق وغيرها، واستباحة دماء وأعراض غير المسلمين واسترقاقهم كما فعلت داعش وأخواتها فيالعراق، ونجد بين ظهرانينا ايضا من يدافع عن هذه الأعمال! وفي العالم غير الاسلامييعتقدون أن هكذا جرائم هي من صلب الدّين الاسلامي، ومن العرب والمسلمين من يعتقدذلك –مع الأسف- وهذا ما يدفع البعض في العالم الغربي الى الاساءة الى الاسلامورموزه الدينية. فهل نعيد حساباتنا فيتفكيرنا المغلوط؟