الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إسرائيل تبحث عن تعريف للنصر وظواهر اجتماعية تخترق المؤسسة الأمنية

2019-06-06 08:03:24 AM
  إسرائيل تبحث عن تعريف للنصر وظواهر اجتماعية تخترق المؤسسة الأمنية
جيش الاحتلال الإسرائيلي

 الحدث - إبراهيم أبوصفية 

إن فشل " إسرائيل" في تحقيق الانتصار والردع المطلوب في قطاع غزة، وكذلك عدم الذهاب لمواجهة عسكرية مع حزب الله في ظل تطوره العسكري المستمر، دفع رئيس الأركان "الإسرائيلي" أفيف كوخافي بعد أيام قليلة من توليه لمنصبه بتاريخ 15/يناير/2019، لعقد ورشة عمل مع مجموعة من الضباط الكبار لإعادة تقييم وعصف ذهني استمرت لعدة أيام، كان هدفها يتلخص في أمر واحد، إعادة تعريف "النصر".

ومحاولة إعادة تعريف "النصر" جاء بعد إدراك المؤسسة العسكرية " الإسرائيلية" أن " إسرائيل" لن تهزم في أي حرب قادمة، لكنها في المقابل لن تحقق أي انتصار تحديدا على جبهتي غزة ولبنان.

وكشفت صحيفة يديعوت في تقرير صحفي تحت عنوان  "لماذا لن ننتصر في الحرب القادمة"، أن أي حرب قادمة لن تحقق الردع المطلوب، ولن يكون فيها نصر عسكري واضح، وهو ما سيؤدي بدوره إلى تآكل الردع، وبالتالي فإن فترة الهدوء أو التهدئة ستكون قصيرة، واستراحة قبل المواجهة التالية، مما هذا سيضعف النمو الاقتصادي في " إسرائيل".

وأشار التقرير إلى أن رغم القدرات العسكرية الكبيرة لجيش الاحتلال "الإسرائيلي"، إلا أن ما يمنع النصر في حروب "إسرائيل" القادمة، هي الظواهر الاجتماعية والعقلية والسياسية التي نشأت في المجتمع المدني وفي علاقات المجتمع العسكري في "إسرائيل" بعد حرب " يوم الغفران" 1973.

ففي ظل البحث عن إعادة تعريف النصر وخلق معادلات جديدة  يمكن من خلالها الاستنتاج من الخاسر ومن الرابح في الحرب، ما هي أبرز العوامل التي قد تتخذها " إسرائيل" كي تعرف أن الانتهاء من أي جولة نصرا لها؟  وما هي الظواهر الاجتماعية التي غيرت مفهوم النصر؟ وكذلك العقلية السياسية التي تعمل لإعادة تعريفه؟، كيف يؤثر هذا الاعتراف " الإسرائيلي" على وجود " إسرائيل"؟.

 

قال المختص بالشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، إن فكرة إعادة تعريف النصر طرحها رئيس أركان الجيش " الإسرائيلي" السابق غادي أيزنكوت، يقصد عمليا بها رسم صورة قاطعة للنصر.

وأوضح مجلي لـ" الحدث" أن النصر حسب المفاهيم التقليدية للجيش " الإسرائيلي" تتجلى في احتلال أرض ورفع علم " إسرائيل " عليها، أو هجوم عدواني دون ردة فعل، أو الدخول في حرب تحسم لصالحها ويعترف الأخر بالهزيمة، مشيرا إلى أن العرب حتى في هزائمهم في ال67 قالوا عنها نصرا وأنهم لا يعترفون بالهزيمة، إلا أن " إسرائيل" تسعى للحصول على اعتراف بذلك.

وبين، أن " إسرائيل" تسعى لدفع " أعدائها" لحالة الردع، بمعنى أنه مع ازدياد قوة حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، يجب أن يفكر كل طرف من هذه الأطراف كثيرا قبل إعلان حرب ضد " إسرائيل" ويتراجع ويكون مردوعا، لافتا أن أيزنكوت قد هدد حزب الله أن أي  فعل مقاوم في " إسرائيل" سيدفع ثمنه لبنان كله، وذلك مع المقاومة في غزة يحاولون ترسيخ هذه المعادلة بأن يدفعوا المقاومة هي من تطلب وقف إطلاق النار وتهديدها وتنفيذ ضربات تعيد تفكير قيادتها. موضحا بأن هذه الرؤية والعقيدة يتصورها الاحتلال على أنها تحقق له النصر.

وأشار مجلي إلى أن القيم التي كان يدعو إليها الجيش " الإسرائيلي" في السابق لم تعد قائمة، فمثلا كان الجيش يعمل على نظرية " تذويب الصلب" والتي تهدف إلى تذويب اليهود الغربيين مع الشرقيين والمتدينين مع العلمانيين، إلا أن الجيش لم ينجح بذلك وعادت الفوارق بشكل أكبر، مضيفا إلى أن التغيرات التي حصلت على الجيش أيضا بطبيعة التدين أن اليوم يتجه نحو التدين بعد أن كان ينظر إليه على أنه قوة يسارية.

بدوره، قال الإعلامي والمختص بالشان " الإسرائيلي"، علاء الريماوي، إن الاحتلال تحدث بشكل واضح بأن هناك إعادة ترتيب أوراق بـ" إسرائيل" على قاعدة منظومة الدفاع.

وأوضح الريماوي لـ" الحدث" أن الاحتلال يتحدث بشكل دائم بأن النصر لديه هو قوة الردع ان تكون متماسكة لردع ما يعرف بـ " أعداء "إسرائيل"، مشيرا إلى أن تمساك الجبهات المحيط بـ " إسرائيل" أضعفها من ممارسة عملا فيزيائيا للحد من قدرة هذه التنظيمات على الأرض، وبناءا على ذلك الاحتلال يعيش من عُقدتين في قطاع غزة، الأولى تجاه المقاومة التي استطاعت أن ترد على 26  اعتداء " إسرائيلي" عليها، وفي المقابل الاحتلال لم يستطيع ان يجري إعادة ترميم الردع عملية الردع.

وأضاف أن الاحتلال وقع في أزمتين في قطاع غزة الأولى لم يحقق النصر والثانية أن المقاومة راكمت من فعلها الإعدادي. مشيرا إلى أن الاعتداءات الأخير استخدم العبري مصطلح فشلت " إسرائيل" في تروية لعملية الهزيمة في تحقيق أهدافها.

كما أن التعاطي مع حزب الله الذي يعمل على حفر الأنفاق وتعيظم قوته العسكرية فعل شيء ضده.

وبين أن الاحتلال يعرف بيئة المواجهة أن تكون مماثلة لما يقوم فيه بسوريا، ولكن فشل بذلك، وهو الأن أمام اختبار حقيقي أمام منظومة الأمن ومنظومات الجيش في التعاطي مع البيئات المختلفة وصولا لما بعد العراق، وأنها مناطق مستباحة دون أن يكون هناك تأثير على الفضاء الأمني، وهذا تحدي حقيقي له.

وأشار إلى الاحتلال يدير ما يعرف بـ الأقلام الإستراتيجية لتفكيك معنى الانتصار.

ولفت إلى أن الاحتلال ما زال يصنع " الأعداء" ويعيد الاعتبار لترتيب المهمات، وأن الاحتلال وباعتراف الباحثين العسكريين أنه لا يستطيع خوض حروب مثل السابق كحروب الـ( 67، 73،81 ) وأن هذا الشكل من هذه الحروب لم تعد موجودة.

وقال الريماوي، إن الاحتلال أقر بأن الجيش يتعامل مع دائرة الحروب التصعيدية وليس موجة الحروب، وهذا أثر على بنية الجيش حتى أصبح غير قادر على صناعة مواجهة حقيقية.

وفي ذات السياق، قال الخبير والمحلل العسكري الفلسطيني، واصف عريقات، إن " إسرائيل" تسعى بأن لا تهزم في حرب مقبلة وتحافظ على صورة الردع فقط.

وأوضح عريقات لـ " الحدث"  أن تطور جبهات المقاومة في مواجهة " إسرائيل" أصبحت تدفع الكثير من الباحثين العسكريين والقيادات العسكرية للمطالبة بالتغيير في تركيبة الجيش " الإسرائيلي".

وبين أن " الجيش الإسرائيلي" تحول من مرحلة الانتصار إلى الاحتواء والصمود وهذا يدل على إقرار بالواقع الذي وصل غليه وهو الضعف، وانه مهزوز وليس كما كان في السابق.

وأضاف إلى أن الجبهة الداخلية كانت في السابق بمنئى عن حروب " إسرائيل" إلا أنها أصبحت اليوم هي الخط الهجومي الأول بالنسبة للمقاومة، فبالتالي أصبح هناك حسابات كثيرة لدى المؤسسة العسكرية عن تأثير الحروب على الجبهة الداخلية، وخصوصا في ظل امتلاك صواريخ بعيدة المدى ودقيقة من حيث الوصول إلى أهدافها، وكما أن هناك تهديدات بعمليات اقتحام للأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل المقاومة خصوصا في لبنان وقطاع غزة. لافتا إلى أن الجبهة الداخلية غير مجهزة لحرب طويلة الأمد على عكس العرب والفلسطينيين الذين صمدوا في الحروب.

وأشار إلى أن هناك فقدان في السيطرة والقيادة لـ" إسرائيل" سواء في الجو أو البحر أو البر، وأنها أصبحت تفتقد عناصر التفوق في هذه الجبهات مقابل تطور وتفوق المقاومة عليها.

وأردف، أن حروب الاستخبارات لم تمتلك قدرات جديدة لما كانت عليه في السابق من حيث الوصول إلى معلومات دقيقة وأصبحت تتقلى مفاجئات تهز صورتها.

وحول الظواهر الاجتماعية في المجتمع العسكري " الإسرائيلي"، بين عريقات، أنها غير متجانسة وفيها حالة من التشظي، وأن أي هزة خارجية لـ" إسرائيل" ستحدث تفكك في المجتمع " الإسرائيلي" في ظل وجود خلاف بين مكونات المجتمع " الإسرائيلي" سواء بين الغربيين والشرقيين أو بين العلمانيين والمتدينين، وصولا إلى التفرقة العنصرية الناشئة في " إسرائيل بن الأسود والأبيض، فهذه عوامل هشة تساهم في تفكيك المجتمع.

وأخيرا، أشار تقرير " يديعوت أحرنوت"  أن الظواهر الاجتماعية والسياسية، التي نشأت في المجتمع المدني وفي علاقات المجتمع العسكري في إسرائيل بعد حرب يوم الغفران، تعني أن "العقلية الإسبرطية التي ميزت الجمهور الإسرائيلي منذ الأيام الأولى للحركة الصهيونية قد تم استبدالها بعقلية أكثر استرخاءً ركزت على رفاهية الفرد وتحقيق رغباته ونزواته. في الوقت نفسه، لم يعد الأمن والعاملين فيه أبقار مقدسة، كما أن الجمهور في إسرائيل أكثر حساسية للخسائر بين الجنود، وأصبح لا يتحمل الخسائر".