مقال رئيس التحرير
سامي سرحان
بعد مرور 13 يوماً على اختفاء المستوطنين الثلاثة وفق الرواية الإسرائيلية فشلت أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية، وآلاف الجنود من الوحدات الخاصة والنخبة ووحدة الإنقاذ من سلاح الجو والمظليين وجفعاتي وجولاني وقطعان المستوطنين، في العثور على أثر أو معلومات دقيقة أو غير دقيقة عن الخاطفين أو المخطوفين المفترضين حتى الآن.
لكن حملة القمع والإعتقال والدهم وتكسير الأبواب وهدم جدران البيوت والتفتيش «بيت بيت وزنقة زنقة وحارة حارة وقرية قرية ومدينة ومدينة وقلب الضفة حجراً حجراً ما زالت مستمرة وفي تصاعد.
نحو 400 مواطن فلسطيني –لا يقتصرون على حماس- اعتُقِلوا وعشرات قُتِلوا وجُرِحوا في محافظات الضفة وما تزال القائمة مفتوحة على مزيد من المعتقلين والجرحة والقتلى، ورغم ذلك عجزت كل الأجهزة الأمنية عن الوصول إلى نتيجة مما يدفع إلى طرح التساؤلات المشروعة عند كل المراقبين والمتابعيتن والمعنيين، ماذا يريد رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهومن وراء حملته التي يبدو أنها سوف تطول وتتجاوز بداية شهر رمضان المبارك؟
قال نتنياهو يوم الأحد، إن لدى إسرائيل أدلة «لا تقبل التأويل» على أن حركة حماس هي التي تقف وراء عملية اختطاف المستوطين الثلاثة وهي تقوم بنقل هذه المعلومات إلى عدة دول، غير أنه لم يصرح بما لديه من معلومات غير قابلة للتأويل، واكتفى بالقول إنها –أي إسرائيل- ستنشر قريباً على الملأ، وعندها ستختبر التصريحات التي أدلى بها الرئيس محمود عباس في السعودية وبشكل عملي ليس فقط من خلال النشاطات الهادفة الى اعادة المخطوفين وإنما من خلال استعداده حل التحالف مع حماس التي قامت باختطاف المستوطنين الثلاثة، وزاد نتنياهو لازمة معزوفته «وهي –أي حماس- تدعو إلى إبادة إسرائيل».
هذه المعلومات الخطيرة جداً قدمها نتنياهو في مستهل جلسة حكومته الأسبوعية الأحد وقال إن قوات الأمن تواصل جهودها للعثور على الثلاثة وإلقاء القبض على الخاطفين.
لا يعبأ نتنياهو بالتنسيق الأمني مع أجهزة الأمن التابعة للسلطة فلديه من أجهزة الأمن ما يكفي تغطية منطقة الشرق الأوسط وليس الضفة وغزة فقط. ما يهم رئيس الحكومة الإسرائيلية أن تستمر حملة التنكيل بالفلسطينيين وتدمير حياتهم واقتصادهم والبنى التحتية الهشة لديهم على فترات متتالية وقبل أن يستيقظ العالم من غفوته على الدمار وأنين الجرحى والمعتقلين الفلسطينيين، ولا بأس لديه أن يكون النصيب الأكبر من حملته المنكرة لحماس وقيادتها ومؤسستها الخاضعة أصلاً لمراقبة ومتابعة دائمة في الضفة، ولا بأس لديه أيضاً أن يدفع دباباته وطائراته مجدداً إلى القطاع لاستكمال عملية التدمير التي بدأها نهاية عام 2008 وبداية عام 2009، لا يجد رئيس حكومة إسرائيل حرجاً في تبرير همجية جيشه وحملات الدهم والقتل والإعتقال وهو يقول بلا خجل «إن إسرائيل لا تريد إصابة أي شخص بشكل متعمد، ولكن هناك أحياناً إصابات تقع نتيجة قيام الجنود بالدفاع عن أنفسهم في أزمة مخيم الجلزون أو قلنديا أو جنين».
ما يهم نتنياهو وما يسعى إليه من وراء حملته البربرية على الضفة وأهلها وغزة وأهلها هو ضرب وحدة الضفة وغزة أرضاً وشعباً ومنذ الإعلان عن حكومة الوفاق الوطني، فقد نتنياهو صوابه. وحتى يصل إلى هذا الهدف ركز حملته على الرئيس محود عباس لدفعه إلى فك حكومة التوافق الوطني، خاصه بعد أن أكد الرئيس عباس التزام السلطة بالتعاون الأمني، وقوله: «إن وسائل الإعلام تقول إن حماس هي من إختطف، لكن أين الدليل؟». مضيفاً «لا يوجد دليل».
لن تقف حكومة إسرائيل عند إتهام حماس بخطف الثلاثة في تشير الى قوات الأمن الفلسطينية ما يعني استهداف السلطة وأجهزتها لإضعافها، مما دعا أبو مازن إلى نفي هذه الإشارات منتقداً بشدة العمليات العسكرية واسعة النطاق التي يقوم بها الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية وإطلاقها النار بشكل عشوائي وقتلها مواطنين أبرياء، وحذّر أبو مازن من تفجر الموقف إذا استمرت العملية العسكرية على نطاقها الحالي، نظراً لقرب حلول شهر رمضان المبارك. ويبدو أن نتنياهو الذرائعي يدفع بالأمور مع الشعب الفلسطيني إلى نهاياتها وتفجير الأوضاع وهو يقرأ المشهد العربي من ليبيا إلى مصر إلى اليمن إلى سوريا إلى العراق، وإنشغال كل دولة من الدول العربية بهمومها وانشغال العالم بأوكرانيا وداعش في العراق وسوريا وعلى حدود الأردن ولكن عليه إن يدرك قدرة هذا الشعب على التمسك بحقوقه وثباته فوق أرض وطنه والدفاع عن حقه في الحرية والإستقلال والتخلص من الإحتلال.