2023-09-05
يمضي قطار التطبيع في مساره مسرعا جدا، تضيق سكته في بعض المنعطفات وتتعثر، ولكنه بلا شك يستمر في سيره باتجاهه الحتمي على مستوى الأنظمة، والرفض الكامل من قبل الشعوب العربية. وقد شهد الشهر المنصرم ثلاثة أحداث أساسية لها سياقها التطبيعي. أما ترتيبها الزمني على التوالي فقد بدأ بِإقالة الرئيس التونسي قيس سعيد لرئيسة وزرائه نجلاء بودن، التي ثارت حولها الانتقادات بسبب ما ظهر على شاشات التلفزة من محادثة ودية بينها وبين رئيس دولة الاحتلال اسحاق هرتسوغ خلال قمة المناخ "كوب 27".
رحيل طلال سلمان وصوت الذين لا صوت لهم
2023-08-26
يَحشرُ الخبر المحزن غصة في القلب عندما تحمل كلماته وفاة صحفي ومثقف عروبي كبير مثل طلال سلمان، الذي أسس صحيفة السفير اللبنانية لتكون منبرا يتحدث باسم المضطهدين والمهمشين والأحرار. سينظر إلى الموت من زاوية كهذه كأنه عقوبة أو قصاص، ويصبح مقاما لجردة حساب مع واقع عربي انتهكته صحافة الابتذال، وإعلام الأجندات المنقسمة، وتربع فيه المؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي مصدرا للخبر ومصدرا للثقافة.
2023-08-06
لعلنا نتفق على أن حالة اللايقين التي تسود المشهد السياسي الفلسطيني صارت إحدى سمات ممارسة السياسة الفلسطينية والتي هي لا سياسية بالأساس. من جهة يبدو الصراع محتدماً على خلافة الرئيس محمود عباس
فلسطين-جنين: عطب الزمن وفعلُ التاريخ
2023-07-04
"إما أن تموت في المخيم أو تُهجّر منه". تلك العبارة المختصرة هي تاريخ فلسطين، والذي تختصره جنين اليوم. ما بين المخيم، والتهجير القصري، وصراخ الأطفال، والأهالي الذين يحملون بعض حاجياتهم في فزع، وعنف آلة الحرب الصهيونية داخل أزقة مخيم جنين، استحضارٌ لفلسطين النكبة التي لم تتوقف يوماً عن الحضور. تتكرر النكبةُ مع اختلاف بسيط في ترتيب مشهدية التاريخ، بدأت النكبة بعكس ما تبدأ به اليوم في جنين، بدأت بالعنف فالتهجير فالمخيم، واليوم تبدأ من المخيم فالعنف فالتهجير.
2023-06-05
ما حاجةُ الشهيدِ إلى السلاح؟ أو بالأحرى صورة الشهيد في جنازته المطبوعة على ملصقٍ وهو يحملُ سلاحاً؟ قد يبدو السؤال ساذجاً أو غير ضروري لبديهية التلازم ما بين قداسة وطهارة الشهيد مع قداسة وطهارة السلاح الذي يحمله. لكن ماذا يحدثُ عندما يحدثُ ما لا نفكر فيه، عندما يُفرضُ المنعُ على طباعة صورة الشهيد وهو يحملُ سلاحاً؟
في معنى الثقافة الفلسطينية التي نحتاج
2023-04-02
في شهر آذار، الذي خصه محمود درويش بقصيدة، وخصتهُ وزارة الثقافة الفلسطينية بيوم الثقافة، وفيه يُحتفى بيوم الشعر العالمي، وبيوم المسرح العالمي، يمكن لنا مجدداً أن نلحظ أن الفعل الثقافي في فلسطين
وطن الشهيد: من يُنسبُ إلى الآخر؟
2023-03-08
عندما كتب الشاعر والثوري الفلسطيني، برهان الدين العبوشي، مسرحيته "وطن الشهيد" عام 1947، كانت قد تبدت له معالم وواقع حال فلسطين. فما بين تآمر الدول الغربية مع الحركة الصهيونية على استعمار فلسطين، إلى توجيه نقده للقيادات العربية، كما نقد القيادات الفلسطينية حينها، قدم العبوشي سردية تأريخية بلغة شعرية رفيعة. لكنه بالأساس، كان يريدُ، من بين كل ذلك، أن يقف وقفة تطول أمام الشهيد في وطنٍ تتم نسبتُه إليه؛ أي نسبة الوطن للشهيد.
فأس المجزرة بين المتحف والذاكرة
2023-02-08
كان لافتاً، أن ترى فأساً مؤطرةً في برواز خشبي، وتتدلى منها بطاقة كتِب عليها التالي: "السيد محمد هاجر عبد الله.. وجدها في زواريب شاتيلا ملطخة بالدماء.. سبتمبر 1982/ استعملت في مجازر صبرا وشاتيلا". تلك الفأسُ، والتي يُحافظُ عليها الدكتور محمد الخطيب، في متحفه الذي أسسه بمجهودٍ ذاتي في واحد من أزقة مخيم شاتيلا في بيروت،
2023-01-01
بلُغةِ المجازِ والوعي سأقول للعام الذي يمضي: إرحل، فلم تكن طيباً كفايةً ولست قائماً إلا بالألم رغم الأمل، وبنية الخروج منك، وإدخالك في سباق الماضي مع نفسه للانتصار علينا ورفضنا لهذا الانتصار الذي يكتُبه غيرنا. ستبقى منك كومةٌ من الأحداث المتشابهة، والأشخاص المتشابهين، الذين ينتقلون معنا من عامٍ إلى آخر ويكررون حضورك بصيغةِ عامٍ جديد. يملؤون فراغ الحاضر بك، فنعودُ كأن أحداً لم يغادرك. فمن الذي يمزح؟ ومن الذي يذبح؟ ومن الذي يربح؟ التاريخُ أم الزمن أم هم؟ ****
2022-11-30
عندما كان شعار القوميين والعروبيين أن "فلسطين هي قضية العرب الأولى"، ومن ثم حذفت الأنظمة الرسمية العربية هذا الشعار تدريجياً من خطاباتها، وانشغلت بقمع شعوبها، وتقهقرت القضية الفلسطينية لتصبح قضية الفلسطينيين وحدهم؛ يأتي كأس العالم ليبرهن من جديد أن فلسطين هي قضية الشعوب العربية وإن كره الرسميون العرب والمطبعون وإسرائيل.
في ذكرى إعلان الاستقلال: درويش ونص المستقبل
2022-11-13
إذا كانت الدولة هي المكون الذي تتبلور من خلاله الهويات الحديثة، فإن الفلسطينيين يصيغون هويتهم دون أن تكون لهم دولة. وإذا كانت الأوطان تصيغُ الحكاية المشتركة للهوية، فإن وطن الفلسطينيين مقسم إلى جغرافيات تصيغُ الحكاية الكبرى لهم.
المقاومة بين الاستثناء أو التكرار
2022-11-03
ليس في المقاومة من تعابير تُربكها أو تُعقد مشهديتها، فلا هي تحتاج لتوصيفات من قبيل عمليات فردية أو عمليات تنظيمية؛ وليست هي تساؤلٌ يحتاجُ إلى إجابة؛ وليس مكانها استثناء، فلا جنين استثناء، ولا نابلس استثناء، ولا حتى غزة استثناء. عند التفكير في الاستثناءات نقعُ في مغالطة مفاهيمية كبرى تتعلقُ بكيف نُعرِّفُ فلسطين أو كيف نُفكر في فلسطين عموماً.