ما يجري في الضفة الغربية منذ مقتل الناشط نزار بنات أثناء عملية اعتقاله من قبل قوة من الأجهزة الأمنية أواخر الشهر الماضي، وما تلاه من خروج مسيرات غضب شعبية تنديدا بمقتله، وللمطالبة بمحاسبة من قام بهذا العمل، وقمع هذه المسيرات من قبل الأجهزة الأمنية، والاستخدام المفرط للقوة بحق المواطن الفلسطيني ينذر بانزلاق خطير، والدخول في مربع المحظورات التي لا يريدها أحد، ولا يجب أن نصل إليها بأي حال من الأحوال.
استشهد الناشط نزار بنات على يد قوة أمن فلسطينية كبيرة دون أن يكون هناك أي تهديد لحياة أي من أفرادها. كان نزار نائماً، ناهيك عن واقعة أنه شخص مدني لم يتعاط العنف في حياته أبداً. لذلك يبدو جلياً أن عملية القتل كانت "هادئة" و"سلسة" و"طبيعية" وأنها لم تنجم عن توتر القوة أو أحد أفرادها أو عن اضطرابهم… الخ. بعبارة شائعة لقد نفذوا فعلهم بدم بارد وأعصاب مسترخية.
أدمت جريمة اغتيال المرحوم "نزار بنات" مقلة حركة فتح رغما عنها، جرَّاء سوء إدارة المشهد وتصريحات بعض قادتها ومتحدثيها، والزج ببعض كوادرها في معركة لم تكن أبداً طرفا فيها، فواقعة الاغتيال لم تقم بها حركة فتح، ولا أذكر أنه في أي يوم نادت أو تبنت الحركة مبدأ اغتيال أصحاب الكلمة ومعارضي الرأي في وطننا، فهذا السلوك يتناقض مع جوهر إعلان الاستقلال، ومع كل ما تعلمناه حول أهم قيم الثورة الفلسطينية، صاحبة شعار "ديمقراطية غابة البنادق"، والتي اتسعت عباءتها لأكثر الأفكار والمواقف حدة على يسار أو يمين عمودها
وكأنها لحظات فقط، هذا المجد العظيم الذي يعيشه البيتاويين، هذه اللوحة العميقة الشديدة الجمال والروعة والممتدة في جذور التاريخ منذ قرون .. المُتّقِدة خلال حقب متتالية في كل ثورة وانتفاضة والمتقدة بشكل خاص منذ (54) يوماً بسبب هذه النازية العنصرية الإجراميّة الإحتلالية التي تُسَوّغ لمستعمِرٍ بخس وجبان وسافل حق الإستيلاء على جبل في مقدمة لمخطط استعماري رهيب ومخيف تحت حماية عصابات القتل والإجرام الإحتلالية، هذه الـ(24) ساعة مرت عليْ كأنها لحظات.
واهم من يعتقد بأن السلطة تتخلى عن مصالحها بسهولة، أو تقدم التنازلات المجانية، وهذا ينطبق على السلطات مكتملة التكوين، فكيف بسلطة غير مكتملة التكوين، سلطة بدون سلطة.
غادر بنيامين نتنياهو مقعد رئاسة الحكومة الإسرائيلية رغم أنفه، ورغم أن حزبه الليكود هو أكبر حزب في الكنيست حيث يمتلك ثلاثين مقعدا ودعم اثنين وعشرين عضو كنيست من الأحزاب الدينية والمتطرفين اليمينيين وجلس على كرسي رئاسة الحكومة بنيت الذي لا يملك حزبه سوى سبعة مقاعد.
أصدر الأسير هيثم جابر عدة كتب؛ ديواناً شعرياً بعنوان "زفرات في الحب والحرب" في جزءين، وروايتين هما "الشهيدة" و"الأسير 1578"، ومجموعة قصصية بعنوان "العرس الأبيض"، وقد قدمها القاص الفلسطيني غريب عسقلاني، ويعدّ لإصدار ثالث من "زفرات في الحبّ والحرب".
عندما تقوم الحكومة بتنظيم "مسيرة" مؤيدة لها، ولأجهزتها الأمنية، وتخطط مسبقًا لاستخدامها أدوات قمع تعتدي خلالها على مسيرة شعبية تتظاهر أو تعتصم بصورة سلمية معارضةً لسياستها الأمنية، ومنددة بجريمة مقتل الناشط "نزار بنات" على أيدي بعض منتسبي أجهزتها،
أثارت واقعة نزار بنات العديد من الأسئلة دون أن نحصل على إجابة شافية تزيل أو تخفف القلق الجماعي الذي يشعر به الفلسطينيون على حاضرهم ومستقبلهم كبشر يستحقون العيش بأمن وأمان داخل بيتهم، إذ يكفيهم ما يقلقون بشأنه بفعل الاحتلال وسياساته وممارساته.
نزار بنات ليس زعيما لفصيل، او عضوا في مكتب سياسي في واحد منها، حتى أنه ليس عضوا في تنظيم او حزب، الا انه اختار ان يكون مستقلا ناقدا لمواقف سياسية واجتماعية واقتصادية، مستفيدا من مساحة التعبير عن الرأي الواسعه، التي اتاحتها وسائل التواصل الاجتماعي، بعد ان اغلقت وسائل الاعلام التقليدية (وحتى التي تدعي انها مستقله) الابواب امامه، وأمام اي منتقد للنظام السياسي الذي ولد مشوها ويزداد تشوها بمرور الوقت ..